للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ

١٨٠٤ - أنا أَبُو نُعَيْمٍ النَّخَعِيُّ، أنا الْعَزْرَمِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَيْءٌ , وَلَا فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا شَيْءٌ , وَفِي الْمِائَتَيْنِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ , وَفِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا نِصْفُ مِثْقَالٍ» . حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ

١٨٠٥ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِيهِمَا ⦗٩٨٨⦘ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحُلِيِّ , وَذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَمْتَعُ بِهِ وَيَكُونُ جَمَالًا , وَأَنَّ الْعَيْنَ وَالْوَرِقَ لَا يَصْلُحَانِ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ , إِلَّا أَنْ يَكُونَا ثَمَنًا لَهَا، وَلَا يُنْتَفَعُ مِنْهُمَا بِأَكْثَرَ مِنَ الْإِنْفَاقِ لَهُمَا , فَبِهَذَا أَبَانَ حُكْمَهُمَا مِنَ الْحُلِيِّ الَّذِي يَكُونُ زِينَةً وَمُتَعًا , فَصَارَ هَهُنَا كَسَائِرِ الْأَثَاثِ وَالْأَمْتِعَةِ , فَلِهَذَا أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْهُ مَنْ أَسْقَطَهَا وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: لَا صَدَقَةَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْعَوَامِلِ , وَأَسْقَطُوهَا عَنِ الْحُلِيِّ وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ قَدْ كَانَ يَلْزَمُهُ فِي مَذْهَبِهِ أَنْ يَجْعَلَهُمَا وَاحِدًا , إِمَّا إِسْقَاطُ الصَّدَقَةِ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِمَّا إِيجَابُهَا فِيهِمَا جَمِيعًا , وَكَذَلِكَ هُمَا عِنْدَنَا , سَبِيلُهُمَا وَاحِدٌ: لَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمَا , لِمَا قَصَصْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا , فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ حِينَ قَالَ لِلْيَمَانِيَّتَيْنِ صَاحِبَتَيِ السِّوَارَيْنِ: «أَدِّيَا زَكَاتَهُ» فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ , بِإِسْنَادٍ قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ عَلَى مَا رُوِيَ , وَكَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْفُوظًا , قَدْ يَحْتَمِلُ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالزَّكَاةِ الْعَارِيَةَ كَمَا فَسَّرَتْهُ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ فِي قَوْلِهِمْ: زَكَاتُهُ عَارِيَتُهُ , وَلَوْ كَانَتِ الزَّكَاةُ فِي الْحُلِيِّ فَرْضًا كَفَرْضِ الرِّقَةِ , مَا اقْتَصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَةٍ، يَخُصُّهَا بِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْحُلِيَّ عَلَيْهَا دُونَ النَّاسِ , وَلَكانَ هَذَا كَسَائِرِ الصَّدَقَاتِ الشَّائِعَةِ الْمُنْتَشِرَةِ فِي الْعَامِلِ مِنْ كُتُبِهِ وَسُنَّتِهِ , وَلَفَعَلَتْهُ الْأَئِمَّةُ بَعْدُ، فَقَدْ كَانَ الْحُلِيُّ مِنْ فِعْلِ النَّاسِ فِي آبَادِ الدَّهْرِ , وَلَمْ نَسْمَعْ لَهُ ذِكْرًا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتِبِ صَدَقَاتِهِمْ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ ⦗٩٨٩⦘ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهَا: لَا بَأْسَ بِلِبَاسِ الْحُلِيِّ إِذَا أُعْطِيَتْ زَكَاتُهُ , وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي سِوَى الْعَارِيَةِ , لِأَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يُنْكِرُ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ أَمَرَتْ بِذَلِكَ أَحَدًا مِنْ نِسَائِهَا أَوْ بَنَاتِ أَخِيهَا , وَلَمْ يَصِحَّ زَكَاةُ الْحُلِيِّ عِنْدَنَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ , إِلَّا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , فَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي تَزْكِيَتِهِ حُلِيِّ نِسَائِهِ وَبَنَاتِهِ , فَفِي إِسْنَادِهِ نَحْوٌ مِمَّا فِي إِسْنَادِ الْمَرْفُوعِ , وَالْقَوْلُ الْآخَرُ إِنَّمَا هُوَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , ثُمَّ مَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ بَعْدُ , وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ , مَا تَأَوَّلْنَا فِيهَا مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَدِّقَةِ لِمَذْهَبِهِمْ عِنْدَ التَّدَبُّرِ وَالنَّظَرِ. وَقَدْ قَالَ مَنْ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي الْحُلِيِّ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٤] ، قَالَ: فَالْحُلِيُّ مِنَ الْكُنُوزِ، وَفِيهِ الزَّكَاةُ لِذَلِكَ , فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ حِينَ ذَكَرَ الْإِبِلَ «فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ» , حَتَّى عَدَّ صَدَقَةَ الْمَوَاشِي , وَلَمْ يَشْتَرِطْ سَائِمَةً وَلَا غَيْرَهَا، فَإِنْ أَوْجَبْتَ الصَّدَقَةَ فِي الْحُلِيِّ لِأَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ عَامَّةٌ فَأَوْجِبِ الصَّدَقَةَ فِي الْإِبِلِ الْعَوَامِلِ لِأَنَّ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامٌ فِيهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>