للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٣٨ - أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَالِ الْمَجْنُونِ، هَلْ فِيهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ ". أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ

١٨٣٩ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا سُفْيَانُ فَكَانَ يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَحْصِ مَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الزَّكَاةِ , فَإِذَا كَبِرَ فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ , وَأَخْبِرْهُ بِمَا عَلَيْهِ وَأَمَّا سَائِرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ , سِوَى سُفْيَانَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ , فَلَا يَرَوْنَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ زَكَاةً، وَلَا يَرَوْنَ عَلَى وَصِيِّهِ إِحْصَاءَ ⦗١٠٠٠⦘ ذَلِكَ أَيْضًا , وَلَا إِعْلَامَهُ , وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ عِنْدَهُمْ , وَاقْتَاسُوا ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ، وَقَالُوا: إِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي عِنْدِي فِي ذَلِكَ , أَنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ لَا يُقَاسُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، لِأَنَّهَا أُمَّهَاتٌ , وَتَمْضِي كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى فَرْضِهَا وَسُنَّتِهَا , وَقَدْ وَجَدْنَاهَا مُخْتَلِفَةً فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنَّ الزَّكَاةَ تَخْرُجُ قَبْلَ حِلِّهَا وَوُجُوبِهَا , فَتُجْزِي عَنْ صَاحِبِهَا، وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِي إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمِنْهَا أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي أَرْضِ الصَّغِيرِ , إِذَا كَانَتْ أَرْضَ عُشْرٍ فِي قَوْلِ النَّاسِ جَمِيعًا , وَهُوَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ , وَمِنْهَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ , وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ , فَالصَّلَاةُ سَاقِطَةٌ عَنِ الصَّبِيِّ , وَالصَّدَقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فِي أَرْضِهِ وَالزَّكَاةُ سَاقِطَةٌ عَنِ الْمُكَاتَبِ , وَالصَّلَاةُ فَرْضٌ عَلَيْهِ , فَهَذَا اخْتِلَافٌ مُتَفَاوِتٌ وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ أَيْضًا , أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصِّيَامَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ وَأَنَّ الْآكِلَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ , وَأَنَّ النَّاسِيَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إِذَا ذَكَرَهَا؟ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ يَسَعُهُ الْإِفْطَارُ إِلَى أَنْ يَصِّحَ , وَهُوَ لَا يُجْزِيهِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنْ تُقْضَى فِي وَقْتِهَا , عَلَى مَا بَلَغَتْهُ طَاقَتُهُ مِنَ الْجُلُوسِ , أَوِ الْإِيمَاءِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فِي أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا كَثِيرَةٌ يَطُولُ بِهَا الْكِتَابُ فَأَيْنَ يَذْهَبُ الَّذِي يَقِيسُ الْفَرَائِضَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ عَمَّا ذَكَرْنَا؟ ⦗١٠٠١⦘ وَمِمَّا يُبَاعِدُ حُكْمَ الصَّلَاةِ مِنَ الزَّكَاةِ أَيْضًا , أَنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا هِيَ حَقٌّ يَجِبُ لِلَّهِ عَلَى الْعِبَادِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ , وَأَنَّ الزَّكَاةَ شَيْءٌ جَعَلَهُ اللَّهُ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ الْفُقَرَاءِ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ , وَإِنَّمَا مَثَلُهَا كَالصَّبِيِّ يَكُونُ لَهُ الْمَمْلُوكُ , أَلَسْتَ تَرَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، إِنْ كَانَ ذَا مَالٍ , كَمَا تَجِبُ عَلَى الْكَبِيرِ؟ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ لِهَذَا الصَّبِيِّ زَوْجَةٌ زَوَّجَهُ إِيَّاهَا أَبُوهُ وَهِيَ كَبِيرَةٌ , فَأَخَذَتْهُ بِالصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ , أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ , وَكَذَلِكَ لَوْ ضَيَّعَ لِإِنْسَانٍ مَالًا , أَوْ خَرَقَ لَهُ ثَوْبًا , كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ , مَعَ أَشْبَاهٍ لِهَذَا كَثِيرَةٍ فَهَذَا أَشْبَهُ بِالزَّكَاةِ مِنَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ , وَلَيْسَتِ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ , أَفَلَا يُسْقِطُونَ عَنْهُ هَذِهِ الدُّيُونَ , إِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ؟ وَفِيهِ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ هَذَا: لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ صَغِيرَةً , فَمَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا , أَوْ طَلَّقَهَا , كَانَتِ الْعِدَّةُ لَازِمَةً لَهَا بِالطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ جَمِيعًا , لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ أَعْلَمُهُ , وَلَوْ كَانَ زَوَّجَهَا أَبُوهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ نِكَاحُهَا بَاطِلًا كَبُطُولِ نِكَاحِ الْكَبِيرَةِ فِي الْعِدَّةِ , فَهَلَّا سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْهَا فِي هَذَا , أَوْ عَمَّنْ زَوَّجَهَا إِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا؟ فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الْبَدْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ , ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ , أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ , مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَأْوِيلِ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ عِنْدِي هُوَ مِثْلُ الصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ ⦗١٠٠٢⦘: أَحْصِ مَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الزَّكَاةِ، ثُمَّ أَخْبِرْهُ بِذَلِكَ , فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ يَثْبُتُ عَنْهُ , وَذَلِكَ أَنَّ مُجَاهِدًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ , وَهُوَ مَعَ هَذَا يُفْتِي بِخِلَافِهِ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْهُ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «أَدِّ زَكَاةَ مَالِ الْيَتِيمِ» وَحَدِيثُ خُصَيْفٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " كُلُّ مَالٍ لِلْيَتِيمِ يُنَمَّى أَوْ يُضَارَبُ بِهِ , فَزَكِّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ , فَلَوْ صَحَّ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ مُجَاهِدٍ , مَا أَفْتَى بِخِلَافِهِ , وَهُوَ مَعَ هَذَا كُلِّهِ لَوْ ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , لَكَانَ إِلَى قَوْلِ مَنْ يُوجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ أَقْرَبُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يُحْصِيَ مَالَهُ , وَيُعْلِمَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ؟ وَلَوْلَا الْوجُوبُ عَلَيْهِ مَا كَانَ لِلْإِحْصَاءِ وَالْإِعْلَامِ مَعْنًى فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا عَلَى مَالِ الصَّغِيرِ , يَقُومُ بِهِ الْوَلِيُّ , كَمَا يَقُومُ لَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ , مَا دَامَ صَغِيرًا سَفِيهًا , وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ , وَيُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ , فَدَفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ , فَلْيُعْلِمْهُ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ , حَتَّى يُزَكِّيَهُ الْيَتِيمُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ , وَإِلَّا لَمْ آمَنْ عَلَيْهِ الْإِثْمَ كَمَا قَالَ طَاوُسٌ - إِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ , فَالْإِثْمُ فِي عُنُقِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>