أَنَا حُمَيْدٌ
٢٣٧ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِي عَفَّانُ، حَدَّثَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، أَنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عُمَرَ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ وَجَّهَ إِلَى الْكُوفَةِ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قِبَلَ أَبِي عُبَيْدٍ: فَقَالَ: «هَلْ لَكَ فِي الْكُوفَةِ وَأُنْفِلُكَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ» ، قَالَ: فَبَعَثَهُ. قَالَ عَفَّانُ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ إِلَّا أَنَّى لِحَدِيثِ مَسْلَمَةَ أَحْفَظُ.
٢٣٨ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَنَرَى أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا خَصَّ جَرِيرًا وَقَوْمَهُ بِمَا أَعْطَاهُمْ، لَلنَّفْلِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي كَانَ جَعَلَهُ لَهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نَفْلًا، مَا خَصَّهُ وَقَوْمَهُ بِالْقِسْمَةِ دُونَ النَّاسِ ⦗٢٠٠⦘. أَلَا تَرَاهُ لَمْ يَقْسِمْ لِأَحَدٍ سِوَاهُمْ، وَإِنَّمَا اسْتَطَابَ أَنْفُسَهُمْ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا أَحْرَزُوا ذَلِكَ وَمَلَكُوهُ بِالنَّفَلِ، فَلَا حَجَّةَ فِي هَذَا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْإِمَامِ مِنَ اسْتِرْضَائِهِمْ، وَكَيْفَ يَسْتَرْضِيهِمْ وَهُوَ يَدْعُو عَلَى بِلَالٍ وَأَصْحَابِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ؟ فَأَيُّ طَيِّبِ نَفْسٍ هَاهُنَا؟ وَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدِي إِلَّا مَا قَالَ سُفْيَانُ، إِنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي الْعَنْوَةَ بِالنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْحَيْطَةُ عَلَيْهِمْ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهَا غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ نَفْسَهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَسَّمَ خَيْبَرَ، ثُمَّ يَقُولُ مَعَ هَذَا لَوْلَا آخِرُ النَّاسِ لَفَعَلْتُ ذَلِكَ. فَقَدْ بَيَّنَ لَكَ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَيْنِ إِلَيْهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا تَعَدَّى سَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ إِنَّ لِلْإِمَامِ فِي الْعَنْوَةِ حُكْمًا ثَالِثًا: قَالَ: إِنْ شَاءَ لَمْ يَجْعَلْهَا غَنِيمَةً وَلَا فَيْئًا وَرَدَّهَا عَلَى أَهْلِهَا الَّذِينَ أُخِذَتْ مِنْهُمْ، وَيَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ مَكَّةَ حِينَ افْتَتَحَهَا، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِمْ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute