للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٥ - أنا أَبُو الْأَسْوَدِ، أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُغْلَبَ أَهْلُ المُدْيِ عَلَى مُدْيِهِمْ، وَأَهْلُ الْقَفِيزِ عَلَى قَفِيزِهِمْ، وَأَهْلُ الْإِرْدَبِّ عَلَى إِرْدَبِّهِمْ، وَأَهْلُ ⦗٢١٨⦘ الدِّينَارِ عَلَى دِينَارِهِمْ، وَأَهْلُ الدِّرْهَمِ عَلَى دِرْهَمِهِمْ، وَيَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلَادِهِمْ»

٢٧٦ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَمَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ هَذَا كَائِنٌ، وأَنَّهُ سَيُمْنَعُ بَعْدُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ. فَاسْمَعْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّرْهَمِ وَالْقَفِيزِ، كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بِأَهْلِ السَّوَادِ. فَهُوَ عِنْدِي الثَّبَتُ. وَفِي تَأْوِيلِ فِعْلِ عُمَرَ أَيْضًا، حِينَ وَضَعَ الْخَرَاجَ وَوَظَّفَهُ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ الْعِلْمِ: أَنَّهُ جَعَلَهُ شَامِلًا عَامًا عَلَى كُلِّ مَنْ لَزِمَهُ الْمِسَاحَةُ، وَصَارَتِ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ، مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ عَبْدٍ. فَصَارُوا مُتَسَاوِينَ فِيهَا لَمْ يُسْتَثْنَ أَحَدٌ دُونَ أَحَدٍ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ فِي دِهْقَانَةِ نَهْرِ الْمَلِكِ حِينَ أَسْلَمَتْ، فَقَالَ: دَعُوهَا فِي أَرْضِهَا تُؤَدِّي عَنْهَا الْخَرَاجَ، فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا مَا أَوْجَبَ عَلَى الرِّجَالِ. وَفِي تَأْوِيلِ حَدِيثِ عُمَرَ مِنَ الْعِلْمِ أَيْضًا، أَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ الْخَرَاجَ عَلَى الْأَرَضِينَ الَّتِي تُغَلُّ، مِنْ ذَوَاتِ الْحَبِّ وَالثِّمَارِ، وَالَّتِي تَصْلُحُ لِلْغُلَّةِ مِنَ الْعَامِرِ وَالْغَامِرِ، وَعَطَّلَ مِنْهَا الْمَسَاكِنَ وَالدُّورَ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُهُمْ، فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ فِيهَا شَيْئًا ⦗٢١٩⦘. وَيُقَالُ: إِنَّ حَدَّ السَّوَادِ الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمِسَاحَةُ مِنْ لَدُنْ تُخُومِ الْمَوْصِلِ، مَادًّا مَعَ الْمَاءِ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، بِبِلَادِ عَبَّادَانِ مِنْ شَرْقِيِّ دِجْلَةَ. هَذَا طُولُهُ، أَمَّا عَرْضُهُ، فَحَدُّهُ مُنْقَطَعُ الْجَبَلِ مِنْ أَرْضِ حُلْوَانَ إِلَى مُنْتَهَى طَرَفِ الْقَادِسِيَّةِ الْمُتَّصِلِ بِالْعُذَيْبِ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ. فَهَذِهِ حُدُودُ السَّوَادِ، وَعَلَيْهِ وَقَعَ الْخَرَاجُ.

٢٧٧ - وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، أَنَّهُ قَالَ: «أَرْضُ الْخَرَاجِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمِسَاحَةُ»

٢٧٨ - وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: «هِيَ كُلُّ أَرْضٍ بَلَغَهَا مَاءُ الْخَرَاجِ» ، سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُهُ عَنْهُ.

٢٧٩ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمِمَّا يُثَبِّتُ حَدِيثَ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُمَرَ، فِيمَا أَعْطَى جَرِيرًا وَقَوْمَهُ مِنَ السَّوَادِ، الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ⦗٢٢٠⦘، عَنْ قَيْسٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِجَرِيرٍ: «لَوْلَا أَنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ لَكُنْتُمْ عَلَى مَا جُعِلَ لَكُمْ» . فَقَدْ بَيَّنَ لَكَ قَوْلَهُ هَذَا أَنَّهُ كَانَ جَعَلَهُ لَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ نَفْلًا. وَمِمَّا يُثَبِّتُ حَدِيثَهُ فِي الدِّرْهَمِ وَالْقَفِيزِ، الْحَدِيثُ الَّذِي يُحَدِّثُهُ عَنْهُ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلَمْ يَأْتِنَا عَنْ عُمَرَ فِيمَا فَرَضَ عَلَى أَرْضِ السَّوَادِ وَجْهٌ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا. وَهُوَ الَّذِي يُحَدِّثُهُ عَنْهُ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَيُصَدِّقُهُمَا حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا» ، فَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عِنْدِي أَنَّ عُمَرَ، إِنَّمَا أَعْطَاهُمُ الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ كَالرَّجُلِ يُكْرِي أَرْضَهُ بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ. وَكَذَلِكَ مَعْنَى الْخَرَاجِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، إِنَّمَا هُوَ الْكِرَاءُ وَالْغَلَّةُ. أَلَا تُرَاهُمْ يُسَمَّوْنَ غَلَّةَ الْأَرْضِ وَالدَّارَ وَالْمَمْلُوكَ خَرَاجًا؟ وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ قَضَى أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>