للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ

٥٠٤ - ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَا: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، قَالَ: شَاكَيْتُ أَبَا مُوسَى فِي بَعْضِ مَا يُشَاكِي الرَّجُلُ أَمِيرَهُ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ، وَذَلِكَ عِنْدَ حُضُورٍ مِنْ وِفَادَةِ أَبِي مُوسَى عَلَيْهِ ⦗٣٢٦⦘، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَبُو مُوسَى اصْطَفَى لِنَفْسِهِ أَرْبَعِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَسَاوِرَةِ، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ، قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا قَلِيلًا، حَتَّى قَدِمَ أَبُو مُوسَى، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا بَالُ الْأَرْبَعِينَ الَّذِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَسَاوِرَةِ لِنَفْسِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، اصْطَفَيْتُهُمْ، وَخَشِيتُ أَنْ يُخْدَعَ الْجُنْدُ عَنْهُمْ. وَكُنْتُ أَعْلَمُ بِفِدَائِهِمْ، فَاجْتَهَدْتُ فِي الْفِدَاءِ، ثُمَّ خَمَّسْتُ وَقَسَمْتُ. قَالَ: يَقُولُ ضَبَّةُ: صَادِقٌ وَاللَّهِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا كَذَّبَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا كَذَّبْتُهُ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ

٥٠٥ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَوْلُهُ: فَاجْتَهَدْتُ فِي الْفِدَاءِ، ثُمَّ خَمَّسْتُ وَقَسَمْتُ، يُنَبِّئُكَ أَنَّهُ إِنَّمَا افْتَدَاهُمْ بِالْمَالِ، لَا بِافْتِكَاكِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَهَذَا رَأْيٌ يَتَرَخَّصُ فِيهِ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ، فَأَمَّا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، فَعَلَى الْكَرَاهَةِ لَأَنْ يُفَادَى الْمُشْرِكُونَ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَيُفْدَوْا بِالرِّجَالِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْقُوَّةِ لَهُمْ. وَمنْ كَرِهَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِيمَا يُرْوَى عَنْهُمْ. وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُهُمْ فِي مُفَادَاةِ نِسَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ، وَكُلُّهُمْ يَرَى أَنَّهُ يُفَادَى الرَّجُلُ وَالنِّسَاءُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ. فَأَمَّا الصِّبْيَانُ مِنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ يُحْكَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ ⦗٣٢٧⦘ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يُرَدُّوا إِلَيْهِمْ أَبَدًا، بِفِدَاءٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَيَرَى أَنَّ الصَّغِيرَ إِذَا صَارَ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ جَمِيعًا، وَهُمَا كَافِرَانِ، وَيَقُولُ: الْمِلْكُ أَوْلَى بِهِ مِنَ النَّسَبِ. وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ بِمُفَادَاةِ الصَّغِيرِ بَأْسًا إِذَا كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ عَلَى دِينِهِ إِذَا سُبِيَ مَعَهُ. وَالْقَوْلُ عِنْدِي فِي هَذَا مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَمَا بَالُ أَبَوَيْهِ يَكُونَانِ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ، وَهُمَا مَا دَامَا مَمْلُوكِينَ، وَهُوَ مَمْلُوكٌ، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وِلَايَةٌ، وَلَا مِيرَاثٌ، وَسَيِّدُهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمَا فِي مَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ، وَجَمِيعِ أَحْكَامِهِ، وَكَذَلِكَ الدِّينُ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو، وَلَا يُعْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>