حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
٦٧٥ - أنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، أنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا وَادَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ مَكَّةَ. قَالَ: وَكَانَتْ خُزَاعَةُ حُلَفَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ حُلَفَاءَ قُرَيْشٍ , فَكَانَ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ بَعْدُ قِتَالٌ , فَأَمَدَّتْهُمْ قُرَيْشٌ بِسِلَاحٍ وَطَعَامٍ , وَظَلَّلُوا عَلَيْهِمْ , فَظَهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ , وَقَتَلُوا فِيهِمْ فَخَافَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَكُونُوا قَدْ نَقَضُوا , فَقَالُوا لِأَبِي سُفْيَانَ: اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأَجِدَّ الْحِلْفَ , وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ , فَإِنَّهُ لَيْسَ قَوْمٌ ظَلَّلُوا عَلَى قَوْمٍ وَأَمَدُّوهُمْ بِسِلَاحٍ وَطَعَامٍ مَا يَكُونُوا نَقَضُوا.، قَالَ حَمَّادٌ: هَذَا الْكَلَامُ , أَوْ كَلَامٌ إِلَى هَذَا صَارَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ جَاءَكُمْ أَبُو سُفْيَانَ , وَسَيَرْجِعُ رَاضِيًا بِغَيْرِ حَاجَةٍ» ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَجِدَّ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ , أَوْ قَالَ بَيْنَ قَوْمِكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ , قَالَ: وَقَدْ قَالَ لَهُ فِيمَا قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْمٍ ظَلَّلُوا عَلَى قَوْمٍ , وَأَمَدُّوهُمْ بِسِلَاحٍ وَطَعَامٍ , مَا يَكُونُوا نَقَضُوا , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ , ثُمَّ أَتَى عُمَرَ , فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنَقَضْتُمْ؟ فَمَا كَانَ مِنْهُ جَدِيدًا فَأَبْلَاهُ اللَّهُ , وَمَا كَانَ مِنْهُ شَدِيدًا أَوْ قَالَ: مَتِينًا فَقَطَعَهُ اللَّهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ شَاهِدَ عَشِيرَةٍ , وَأَتَى فَاطِمَةَ فَقَالَ لَهَا: يَا فَاطِمَةُ هَلْ لَكِ إِلَى أَمْرٍ تَسُودِينَ فِيهِ نِسَاءَ قَوْمِكَ؟، قَالَ: ثُمَّ ⦗٤٠٨⦘ قَالَ لَهَا نَحْوًا مِمَّا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ , وَقَالَ تُجَدِّدِينَ الْحِلْفَ وَتُصْلِحِينَ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ: لَيْسَ الْأَمْرُ إِلَيَّ , الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ , قَالَ: ثُمَّ أَتَى عَلِيًّا , فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ , فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلًا أَضَلَّ , أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ , فَأَجِدَّ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: فَضَرَبَ أَبُو سُفْيَانَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى , وَقَالَ: قَدْ أَجَرْتُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَانْطَلَقَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ , فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا صَنَعَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ وَارِدَ قَوْمٍ , وَاللَّهِ مَا أَتَيْتَنَا بِحَرْبٍ فَنَحْذَرَ , وَلَا أَتَيْتَنَا بِصُلْحٍ فَنَأْمَنَ، ارْجِعِ ارْجِعْ. قَالَ: وَقَدِمَ وَافِدُ خُزَاعَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ الْقَوْمُ وَدَعَاهُ إِلَى النَّصْرِ وَأَنْشَدَهُ فِي ذَلِكَ شِعْرًا:
[البحر الرجز]
اللَّهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
وَوَالِدًا كُنَّا وَكُنْتَ وَلَدًا ... إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا
وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا ... وَجَعَلُوا لِي بِكَدَاءَ رُصَّدَا
وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدًا ... وَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا
⦗٤٠٩⦘
وَهُمْ أَتَوْنَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدًا ... نَتْلُوا الْقُرْآنَ رُكَّعًا وَسُجَّدَا
ثُمَّتَ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدًا ... فَانْصُرْ رَسُولَ اللَّهِ نَصْرًا أَعْتَدَا
وَابْعَثْ جُنُودَ اللَّهِ تَأْتِي مَدَدًا ... فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَأْتِي مُزْبَدَا
فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ تَجَرَّدَا ... إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا
قَالَ حَمَّادٌ: هَذَا شِعْرٌ بَعْضُهُ عَنْ أَيُّوبَ وَبَعْضُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ وَأَكْثَرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ , قَالَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
[البحر الطويل]
أَتَانِي وَلَمْ أَشْهَدْ بِبَطْحَاءِ مَكَّةَ ... رِجَالُ بَنِي كَعْبٍ تُحَزُّ رِقَابُهَا
وَصَفْوَانُ عَنْ زَجْرٍ مُزَوَّرُ اسْتِهِ ... فَذَاكَ وآنُ الْحَرْبِ شُدَّ عِصَابُهَا
فَلَا تَجْزَعَنَّ يَا ابْنَ أُمِّ مُجَالِدٍ ... فَقَدْ صُرِفَتْ صَرْفًا وَعُطِّلَ بَابُهَا
⦗٤١٠⦘
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ. . هَدِهِ ... سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو جَدْبُهَا وَعِقَابُهَا
قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِالرَّحِيلِ فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا مَرَّ , ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ