حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
٧٣٢ - أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمُلَيْحِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَهْلَ نَجْرَانَ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِأَهْلِ نَجْرَانَ إِذْ كَانَ عَلَيْهِمْ حُكْمُهُ أَنَّ فِيَ كُلِّ سَوْدَاءَ وَبَيْضَاءَ وَصَفْرَاءَ وَثَمَرَةٍ وَرَقِيقٍ، أَوْ أُفْضِلَ عَلَيْهِمْ، وَتُرِكَ لَهُمْ، عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ، فِي كُلِّ صَفَرٍ أَلْفُ حُلَّةٍ، وَفِي كُلِّ رَجَبٍ أَلْفُ حُلَّةٍ، كُلُّ حُلَّةٍ أُوقِيَّةٌ، مَا زَادَ الْخَرَاجُ أَوْ نَقَصَ، فَعَلَى الْأُوَاقِ يُحْسَبُ، وَمَا قَضَوْا مِنْ رِكَابٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ دِرْعٍ، أُخِذَ مِنْهُمْ بِحِسَابٍ، وَعَلَى نَجْرَانَ مَثْوَى رُسُلِي عِشْرِينَ لَيْلَةً فَمَا دُونَهَا، وَعَلَيْهِمْ عَارِيَةٌ ثَلَاثِينَ فَرَسًا، وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا، وَثَلَاثِينَ دِرْعًا، إِذَا كَانَ كَيْدٌ بِالْيَمَنِ دُونَ مَعْذِرَةٍ، وَمَا هَلَكَ مِمَّا أَعَارُوا رُسُلِي، فَهُوَ ضَمَانٌ عَلَى رُسُلِي حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَيْهِمْ، وَلِنَجْرَانَ وَحَاشِيَتِهَا ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ. عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَمِلَّتِهِمْ وَبَيْعِهِمْ وَرَهْبَانِيَّتِهِمْ وَأَسَاقِفَتِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ وَغَائِبِهِمْ، وَكُلِّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، عَلَى أَنْ لَا يُغَيِّرَهُ أُسْقُفٌ مِنْ سِقِّيفَاهُ ⦗٤٥٠⦘، وَلَا وَاقِفٌ مِنْ وِقِّيفَاهُ، وَلَا رَاهِبٌ مِنْ رَهْبَانِيَّتِهِ، وَعَلَى أَنْ لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا، وَلَا يَطَأُ أَرْضَهُمْ جَيْشٌ، مَنْ سَأَلَ مِنْهُمِ حَقًّا فَالنِّصْفُ بَيْنَهُمْ بِنَجْرَانَ، وَعَلَى أَنْ لَا يَأْكُلُوا الرِّبَا، فَمَنْ أَكَلَ الرِّبَا مِنْ ذِي قَبْلٍ، فَذِمَّتِي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، وَعَلَيْهِمُ الْجَهْدُ وَالنُّصْحُ فِيمَا اسْتَقْبَلُوا غَيْرَ مَظْلُومِينَ وَلَا مَعْنُوفٍ عَلَيْهِمْ " شَهِدَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَمُعَيْقِيبٌ، وَكَتَبَ قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوْا أَبَا بَكْرٍ فَوَفَّى لَهُمْ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا نَحْوًا مِنْ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ، أَصَابُوا الرِّبَا فِي زَمَانِهِ، فَأَجْلَاهُمْ، وَكَتَبَ لَهُمْ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ وَقَعُوا بِهِ مِنْ أُمَرَاءِ الشَّامِ أَوِ الْعِرَاقِ فَلْيُوسِّعْهُمْ مِنْ خَرِيبِ الْأَرْضِ، فَمَا اعْتَمَلُوا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لَهُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ وَعُقْبَى مِنْ أَرْضِهِمْ فَأَتَوْا الْعِرَاقَ فَاتَّخَذُوا النَّجْرَانِيَّةَ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى الْوَلِيدِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْعَاقِبَ وَالْأُسْقُفَّ وَسُرَاةَ أَهْلِ نَجْرَانَ أَتَوْنِي بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَوْنِي شَرْطَ عُمَرَ ⦗٤٥١⦘، وَقَدْ سَأَلْتُ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ، فَأَنْبَأَنِي أَنَّهُ قَدْ كَانَ بَحَثَ عَنْ ذَلِكَ، فَوَجَدَهُ مَضَارَّةً وَظُلْمًا لِتَرَدُّعِهِمُ الدَّهَّاقِينَ عَنْ أَرْضِيهِمْ، وَإِنِّي وَضَعْتُ عَنْهُمْ مِنْ جِزْيَتِهِمْ مِائَتَيْ حُلَّةٍ، الْمِائَتَيْنِ تَرِيكٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَعُقْبَى لَهُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ، وَإِنِّي أُوصِيكَ بِهِمْ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ لَهُمُ الذِّمَّةُ. ثَنَا حُمَيْدٌ
٧٣٣ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وأنا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَتَبَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ «مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوًا مِنْ هَذِهِ السُّنَّةِ إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي حُرُوفٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ، فَكَانَ قَوْلُهُ: «كُلُّ حُلَّةٍ أُوقِيَّةٌ» : كُلُّ حُلَّةٍ وَافِيَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ سِقِّيفَاهُ وَلَا وِقِّيفَاهُ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ قِصَّةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَفِي آخِرِ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ: شَهِدَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَغَيْلَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ مِنْ بَنِي نَصْرٍ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ ⦗٤٥٢⦘ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيُّ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
٧٣٤ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ: «كُلُّ حُلَّةٍ أُوقِيَّةٌ» : قِيمَتُهَا أُوقِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ: «فَمَا زَادَ الْخَرَاجُ أَوْ نَقَصَ فَعَلَى الْأَوَاقِي» يَعْنِي الْخَرَاجَ: الْحُلَلَ، يَقُولُ: إِنْ نَقَصَتْ مِنَ الْأَلْفَيْنِ أَوْ زَادَتْ فِي الْعِدَّةِ أُخِذَتْ بِقِيمَةِ أَلْفَيْ أُوقِيَّةٍ، فَكَأَنَّ الْخَرَاجَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْأَوَاقِي، وَلَكِنَّهُ جَعَلَهَا حُلَلًا، لِأَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَالِ وَنَرَى أَنَّ عُمَرَ حِينَ كَانَ يَأْخُذُ الْإِبِلَ فِي الْجِزْيَةِ، وَأَنَّ عَلِيًّا حِينَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَتَاعَ فِي الْجِزْيَةِ إِنَّمَا ذَهَبَا إِلَى هَذَا وَقَوْلُهُ: " وَمَا قَضَوْا مِنْ رِكَابٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ دُرُوعٍ، أُخِذَ مِنْهُمْ بِحِسَابٍ، يَقُولُ: إِنْ لَمْ تُمَكِّنْهُمُ الْحُلَلُ أَيْضًا فِي الْخَرَاجِ، فَأُعْطُوا الْخَيْلَ وَالرِّكَابَ وَالدُّرُوعَ، أُخِذَ مِنْهُمْ بِحِسَابِ الْأَوَاقِي حَتَّى يَبْلُغَ أَلْفَيْنِ وَقَوْلُهُ «مَنْ أَكَلَ مِنْهُمُ الرِّبَا مِنْ ذِي قَبْلٍ، فَذِمَّتِي مِنْهُ بَرِيئَةٌ» : لَا نَرَاهُ غَلَّظَ عَلَيْهِمْ أَكْلَ الرِّبَا خَاصَّةً مِنْ بَيْنَ الْمَعَاصِي كُلِّهَا بِمِثْلِ حَالِهِمْ - وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَرْتَكِبُونَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، مِنَ الشِّرْكِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِ - إِلَّا دَفْعًا عَنِ الْمُسْلِمِينَ، أَنْ لَا يُبَايُعُوهُمْ بِهِ، فَيَأْكُلُ الْمُسْلِمُونَ الرِّبَا، وَلَوْلَا الْمُسْلِمُونَ مَا كَانَ أَكْلُ أُولَئِكَ الرِّبَا إِلَّا كَسَائِرِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمَعَاصِي، بَلِ الشِّرْكُ أَعْظَمُ وَإِنَّمَا أَجْلَاهُمْ عُمَرُ عَنْ بِلَادِهِمْ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ لَهُمُ عَهْدًا مُؤَكَّدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِتَرْكِهِمْ مَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَكْلِ الرِّبَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute