حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
٧٦٢ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، - وَبَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، - فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيُّ يَخْتَصِمَانِ، فَذَكَرَ عُمَرُ الْأَمْوَالَ، ثُمَّ قَرَأَ عُمَرُ هَذِهِ الْآيَةَ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: ٧] إِلَى قَوْلِهِ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: ٨] {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ، {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} قَالَ: فَاسْتَوْعَبَتْ هَذِهِ الْآيَةُ النَّاسَ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا وَلَهُ فِيهَا حَقٌّ، أَوْ قَالَ: حَظٌّ، إِلَّا بَعْضَ مَنْ تَمْلِكُونَ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ، وَإِنْ عِشْتُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَيُؤْتَيَنَّ كُلُّ مُسْلِمٍ حَقَّهُ , أَوْ قَالَ: حَظَّهُ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّاعِي بَسَرْوِ حِمْيَرَ، لَمْ يَعْرَقْ فِيهِ جَبِينُهُ ". حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
٧٦٣ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذِهِ آيَةُ الْفَيْءِ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ الْآيَةَ مُحِيطَةٌ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَخْلُوا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا ⦗٤٨١⦘ فَقَالَ قَائِلُونَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غِنَاءٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي جِهَادِ عَدُوٍّ أَوْ قِيَامٍ بِحُكْمٍ أَوِ اجْتِبَاءِ مَالٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نَفْعُهُ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ وَالْمَسْكَنَةِ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ كُلُّهُمْ فِي الْفَيْءِ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ دِينٍ وَقِبْلَةٍ، وَهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْأُمَمِ، يُوَاسِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا , وَيَرُدُّ أَقْصَاهُمْ عَلَى أَدْنَاهُمْ، يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى كَلَامِ عُمَرَ، مَعَ احْتِجَاجِهِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، فَاخْتَلَفُوا لِاخْتِلَافِ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ عِنْدَهُمْ: حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ عُمَرَ، وَكَذَلِكَ هُمَا فِي الظَّاهِرِ مُخْتَلِفَانِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مَذْهَبٌ وَمَقَالٌ، وَالْأَمْرُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ غَيْرُ وَجْهِ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنَّ الَّذِي يَؤُولُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ عِنْدِي قَوْلُ الَّذِينَ رَأَوُا اشْتِرَاكَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفَيْءِ، وَلَيْسَ هَذَا بِرَادٍّ لِلْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّهُمَا جَمِيعًا قَدْ كَانَا، وَإِنَّمَا حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ كَالتَّنْزِيلِ، وَلَيْسَ يَنْسَخُ سُنَّتَهُ إِلَّا سُنَّةٌ لَهُ أُخْرَى أَوْ تَنْزِيلٌ، فَكَانَ مَنْعُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَنَعَ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ إِذْ تَرَكُوا الْهِجْرَةَ - وَهُوَ الْأَصْلُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ بَدْءُ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا كَانَتِ الْهِجْرَةُ تُفَرِّقُ بَيْنَ حُكْمِ الْمُهَاجِرِينَ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ فِي الْوَلَايَةِ وَالْمَوَارِيثِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَالْفَيْءِ، نَزَلَ بِذَلِكَ الْكِتَابُ وَجَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ: فَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ «وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ» وَأَمَّا التَّنْزِيلُ فَقَوْلُهُ {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: ٧٢]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute