١٠٣٠ - أَنَا حُمَيْدٌ أنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ رُشَيْدٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عِنْدَنَا أَجَمَةً، لَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدٍ، فَأَقْطِعْنِيهَا فَأُعَمِّرُهَا فَتَكُونُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ لِعِيَالِي وَمَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَكَتَبَ لَهُ بِهَا ". ثَنَا حُمَيْدٌ
١٠٣١ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَتْ فِي ⦗٦٢٧⦘ الْإِقْطَاعِ وجُوهٌ مُخْتَلِفَةٌ، إِلَّا أَنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي عَادِيِّ الْأَرْضِ، هُوَ عِنْدِي مُفَسِّرٌ لِمَا يَصْلُحُ فِيهِ مِنَ الْإِقْطَاعِ مِنَ الْأَرَضِينَ، وَلِمَا لَا يَصْلُحُ , وَالْعَادِيُّ: كُلُّ أَرْضٍ كَانَ لَهَا سَاكِنٌ فِي آبَادِ الدَّهْرِ، فَانْقَرَضُوا فَلَمْ يَبْقَ لَهَا مِنْهُمْ أُنَيْسٌ، فَصَارَ حُكْمُهَا إِلَى الْإِمَامِ , وَكَذَلِكَ كُلُّ أَرْضٍ مَوَاتٍ لَمْ يُحْيِهَا أَحَدٌ، وَلَمْ يَمْلِكْهَا مُسْلِمٌ وَلَا مُعَاهِدٌ , وَإِيَّاهَا أَرَادَ عُمَرُ بِكِتَابِهِ إِلَى أَبِي مُوسَى: إِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضَ جِزْيَةٍ وَلَا أَرْضًا يَجْرِي إِلَيْهَا مَاءُ جِزْيَةٍ، فَأَقْطِعْهَا إِيَّاهُ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِقْطَاعَ لَيْسَ يَكُونُ إِلَّا فِيمَا لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ فَإِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ كَذَلِكَ، فَأَمْرُهَا إِلَى الْإِمَامِ وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ: لَنَا رِقَابُ الْأَرْضِ. أَنَا حُمَيْدٌ
١٠٣٢ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلِتِلْكَ الْآثَارِ الْأُخَرِ مَذَاهِبٌ سِوَى هَذَا سَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - وَأَمَّا إِقْطَاعُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الزُّبَيْرَ أَرْضًا ذَاتَ نَخْلٍ وَشَجَرٍ، فَإِنَّا نَرَاهَا الْأَرْضَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَهَا الْأَنْصَارِيَّ، فَأَحْيَاهَا وَعَمَّرَهَا، ثُمَّ تَرَكَهَا بِطِيبِ نَفْسٍ، فَقَطَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرَ وَهُوَ مُفَسَّرٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ , فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْأَرْضَ، فَلَعَلَّهَا مِمَّا اصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ خَيْبَرَ , فَقَدْ كَانَ لَهُ مِنْ كُلِّ غَنِيمَةٍ الصَّفِيُّ وَخُمُسُ الْخُمُسِ. ثَنَا حُمَيْدٌ
١٠٣٣ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا كَانَ لَهُ خَاصًّا مِنَ الْغَنَائِمِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ الزُّبَيْرِ مِنْ ذَلِكَ، فَهِيَ مِلْكُ ⦗٦٢٨⦘ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُعْطِيهَا مَنْ شَاءَ، عَامِرَةَ وَغَيْرَ عَامِرَةَ لَا أَعْرِفُ لِإِقْطَاعِهِ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ وَشَجَرٌ وَجْهًا غَيْرَ هَذَا , وَأَمَّا الْقَرْيَاتُ الَّتِي جَعَلَهَا لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَهِيَ أَرْضٌ مَعْمُورَةٌ بِهَا أَهْلٌ , فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّفَلِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَحَ الشَّامَ وَقَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا الْمُسْلِمُونَ , فَجَعَلَهَا لَهُ نَفْلًا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ إِذَا ظَهْرَ عَلَيْهَا , وَهَذَا كَفِعْلِهِ بِابْنَةِ بُقَيْلَةَ عَظِيمِ الْحِيرَةِ، حِينَ سَأَلَهُ إِيَّاهَا الشَّيْبَانِيُّ، فَجَعَلَهَا لَهُ قَبْلَ افْتِتَاحِ الْحِيرَةِ فَأَمْضَاهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حِينَ ظَهْرَ عَلَيْهَا , وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَهَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَكَذَلِكَ أَمْضَى عُمَرُ لِتَمِيمٍ حِينَ افْتَتَحَ فِلَسْطِينَ، مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ تَمِيمًا , وَقَدْ عَمِلَ عُمَرُ فِي السَّوَادِ مِثْلَ هَذَا، حِينَ جَعَلَ لِجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثُّلُثَ أَوِ الرُّبُعَ عِنْدَ تَوْجِيهِهِ إِيَّاهُ إِلَى الْعِرَاقِ , وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَهُ فِي فَتْحِ السَّوَادِ , وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الَّتِي كَتَبَ بِهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ وَهِيَ بِأَيْدِي الرُّومِ يَوْمَئِذٍ , قِصَّتُهَا كَقِصَّةِ قُرَى تَمِيمَ , فَأَمَّا إِقْطَاعُهُ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ الْعِجْلِيَّ أَرْضًا بِالْيَمَامَةِ فَغَيْرُ هَذَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْيَمَامَةَ قَدْ كَانَ بِهَا إِسْلَامٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدِمَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ، مِنْهُمْ مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ، وَالرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ، وَمُحْكِمُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَأَسْلَمُوا وَأَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَّاعَةَ أَرْضًا وَكَتَبَ لَهُ ⦗٦٢٩⦘ كِتَابًا , وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
١٠٣٤ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَكَذَلِكَ إِقْطَاعُهُ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ وَهَؤُلَاءِ أَشْرَافُ أَهْلِ الْيَمَامَةُ فَأَقْطَعَهُمْ مِنْ مَوَاتِ أَرْضِهِمْ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمُوا يَتَأَلَّفُهُمْ بِذَلِكَ , فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْتَدَّ الرَّجَّالُ وَمُحْكِمُ الْيَمَامَةِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: مُحْكِمٌ , قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُمْ أَشْرَفُ مِنْ مُسَيْلِمَةَ فَقُتِلَا مَعَ مُسَيْلِمَةَ وَلَمْ يَرْتَدَّ هَذَانِ وَأَمَّا إِقْطَاعُهُ ابْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ , وَهُوَ مِنَ الْمَدِينَةِ , فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمَدِينَةَ، إِنَّمَا أَسْلَمَ أَهْلُهَا رَاغِبِينَ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ مُكْرَهِينَ، وَالسُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ فَأَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا , وَهَذِهِ حَالُهَا , فَلَمْ يَأْتِينَا فِي الْإِقْطَاعِ شَيْءٌ هُوَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا وَإِنَّمَا عَرَفْنَاهُ بِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ