ثم استدركت فقلت: يبعد ذلك كله ما أخرجه البخاري فيه " صحيحه الجهاد " من طريق أخرى عن نافع قال: قال ابن عمر رضي الله عن هما:
رجعنا من العام المقبل: فما اجتمع اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها كانت رحمة من الله
يعني خفاءها عليهم. فهو نص على أن الشجرة لم تبق معروفة المكان يمكن قطعها من عمر فدل ذلك على ضعف رواية القطع الدال عليه الانقطاع الظاهر فيها نفسها ومما يزيدها ضعفا ما روى البخاري في " المغازي " من " صحيحه " عن سعيد بن المسيب عن أبيه (قال) : " لقد رأيت الشجرة ثم أتيتها بعد فلم أعرفها "
ومن طريق طارق بن عبد الرحمن قال:
انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون قلت: ما هذا المسجد قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان فأتيت سعيد بن المسيب فضحك فقال: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسو الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها. وفي رواية: فعميت علينا فقال سعيد: إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم
أقول ولئن كنا خسرنا هذه الرواية المنقطعة كشاهد فيما نحن فيه من البحث بعد التأكد من ضعفها فقد كسبنا ما هو أقوى منها مما يصلح دليلا لما نحن فيه وهو حديث المسيب هذا وحديث ابن عمر: فقد قال الحافظ في شرحه إياه:
والحكمة في ذلك أن لا يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير فلو بقيت لما أمن تعظيم بعض الجهال لها حتى ربما أفضى بهم الأمر إلى اعتقاد أن لها قوة نقع أو ضر كما نراه الان مشاهدا فيما هو دونها وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله:" كانت رحمة من الله " أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى "
قلت: ومن تلك الأشجار التي أشار إليها الحافظ شجرة كنت رأيتها من أكثر من عشر سنين شرقي مقبرة شهداء أحد خارج سورها وعليها خرق كثيرة ثم رأيتها في موسم السنة الماضية (١٣٧١ هـ) قد استأصلت من أصلها والحمدلله وحمى المسلمين من شر غيرها من الشجر وغيره من الطواغيت التي تعبد من دون الله تعالى