وهم في بادئ أمرهم لم يخلقوا لأنفسهم نمطاً في العمارة خاصاً بهم، واكتفوا في البداية بمحاكاة الطريقة البوذية (مثال ذلك ما نراه في إكوار) التي تحتقر المعابد في صخور الجبل، ثم بمحاكاة معابد فشنو وشيفا، وهي على نمط يتميز بأنه يقوم على مجموعة من الجدر فوق نشز من الأرض؛ هذه المعابد كانت بسيطة الظاهر، لكنها كانت كثيرة التفصيلات غنية الفن من الباطن - ولعلها في ذلك أن تكون رمزاً موفقاً للحياة المتواضعة، وأخذ الناس يندفعون بروح التقوى فيضيفون إلى هذه المعابد تمثالاً في إثر تمثال مما يخلد أبطال الجانتية، حتى لقد بلغ عددها في "شاترونجايا" - حسب إحصاء فيرجسون - ستة آلاف وأربعمائة وتسعة وأربعين تمثالاً (٧٩).
وأما المعبد الجانتي في "أيهول" فيكاد يكون إغريقي النمط، بصورته الرباعية الأضلاع، وأعمدته الخارجية، ومدخله، والغرفة الداخلية، أو إن شئت فقل الحجيرة التي تتوسطه من الداخل (٨٠)؛ وقد أقام الجانتيون والفشناويون والشيفاريون في "خاجوراهو" ما يقرب من ثمانية وعشرين معبداً قريباً بعضها إلى بعض؛ كأنما أرادوا بها أن يضربوا مثلاً لروح التسامح الديني في الهند؛ وبين تلك المعابد معبد "بارشوانات"(٨١) الذي يبلغ درجة الكمال، وهو ينهض مخروطاً فوق مخروط حتى يبلغ ارتفاعاً هائلاً، ويؤوي في جدرانه المحفورة مدينة حقيقية من القديسين الجانتيين؛ وقد أقام الجانتيون على جبل "أبو"، وارتفاعه فوق صدر الصحراء أربع آلاف قدم، معابد كثيرة منها اثنان باقيان، هما معبد "فيمالا" ومعبد "تجاه بالا"، يعدان أعظم ما أبدعته هذه الطائفة في مجال الفنون؛ فقبة الضريح "تجاه بالا" من الأشياء التي توقع في نفس الرائي أثراً عميقاً يتضاءل أمامه كل ما يكتب عن الفنون بحيث يصبح تافهاً عاجزاً (٨٢)؛ وأما معبد "فيمالا" المبني كله من المرمر الأبيض فمؤلف من خليط من أعمدة لا يطرد فيها نظام، ترتبط بأقواس أبدعها الخيال