العجيب بمصاطب منحوتة نحتاً أميل إلى البساطة، وفوق الأعمدة قبة من المرمر بولغ في حفرها بالتماثيل الكثيرة لكن حفرها بلغ من الرقة حداً يروعك جلاله وأنت تستعرضه؛ ويقول فيه "فيرجسون": "إن النحت قد أتقنت تفصيلاته وأجيدت زخرفته؛ حتى ليجوز لنا أن نقول إنه ليس في العالم كله ما يفوقه في ذلك؛ إذ النقوش التي زخرف بها المعماريون مُصَلَّى هنري السابع في وستمنستر أو في أكسفورد، تعتبر غليظة بغيضة إذا قورنت بنقوش ذلك المعبد (٨٣).
ونستطيع أن نلحظ في هذه المعابد الجانتية ومعاصراتها، مرحلة الانتقال من صورة الضريح البوذي المستديرة إلى نمط البرج الذي ساد في عصور الهند الوسطى فقاعة الاجتماع المحاطة بأعمدة من الداخل جاءوا بها إلى الخارج حيث تحولت إلى ممشى عند المدخل، ثم تقع الحجيرة خلف هذا الممشى، ويرتفع فوقها البرج المعقد المنحوت في مستويات تقل مساحة كلما ازدادت ارتفاعاً، وعلى هذا التصميم بنيت معابد الهندوس في الشمال، وأوقع مجموعة من هذه المعابد في نفس الرائي، هي المجموعة المسماة (بهوفانشوارا) في إقليم "أوريسا"، وأجمل معبد في هذه المجموعة هو معبد "راجاراتي" الذي أقيم للإله "فشنو" في القرن الحادي عشر الميلادي، وهو عبارة عن برج شامخ يتألف من أعمدة نصف دائرية ملاصق بعضها لبعض، تغطيها التماثيل وتعلوها طبقات من الحجر تتناقص حجماً كلما ازددنا معها صعوداً، وبهذا يكون البرج منحنياً إلى الداخل ومنتهياً بتاج دائري كبير ومسلة؛ وبالقرب منه يقع معبد "لنجاراجا" وهو أكبر من معبد "راجاراني" لكنه لا يبلغ في الجمال مبلغه، ومع ذلك فكل نقطة من مسطح البناء قد مَرَّت عليها يد النحات بإزميلها، حتى لقد قدرت تكاليف النحت ثلاثة أمثال تكاليف البناء ذاته (٨٤) فالهندوسي لم يعبّر عن تقواه بضخامة معابده الجبارة وحدها، بل أضاف إلى الضخامة تفصيلات فنية احتاجت في إخراجها إلى صبر طويل، فلم يكن عنده شيء يَضِنُّ به على الإله مهما بلغت نفاسته.