في اللوفر، والتويلري، ومصانع الجوبلان، وأحواض سفن البحرية، ومدارس يتتلمذ فيها الصبية من الصناع. وسبق كولبير موسوعة ديدرو، إذ احتضن موسوعة للفنون والحرف، ووصفاً مصور الكل الآلات المعروفة (٦٢). ونشرت أكاديمية العلوم بحوثاً عن الآلات والفنون الميكانيكية، وسجلت "صحيفة العلماء" تقنيات صناعية جديدة. وقد أخذ العجب بيرو-وهو يبني الواجهة الشرقية للوفر-حين رأى آلة ترفع كتلة من الحجر تزن ١٠٠. ٠٠٠ كيلو (١. ١٠٠ طن)(٦٣). على أن كولبير عارض إدخال الآلات التي ينجم عنها تعطل العمال (٦٤).
وإذ كان شديد الولع بالنظام والكفاية، فقد أمم تنظيم الصناعة بوساطة الكومونات أو الطوائف الصناعية. وتوسع في هذا التنظيم توسعاً أوشك أن يكون خانقاً. وراحت مئات من الأوامر تصف أساليب الصناعة، وحجم المنتجات ولونها ونوعها، وساعات العمل وظروفه؛ وأنشأت اللجان في جميع قاعات المدن لفحص العيوب في إنتاج الحرف والمصانع المحلية. وعرضت علانية عينات من الصنعة المعيبة وإلى جوارها الصانع أو المدير. فإذ عاد المخالف إلى مخالفته وبخ في اجتماع للطائفة فإن عاد ثالثة شد على عمود تشهيراً به وتنكيلاً (٦٥). وشغل كل ذكر قادر على العمل. وجند الأيتام من ملاجئهم ليخدموا في المصانع، وأخذ المتسولون من الشوارع إلى المصانع، وقال كولبير للملك في اغتباط إنه حتى الأطفال يستطيعون الآن كسب بعض المال في المصانع.
وأخضع العمال لنظام يقرب من النظام العسكري، فالكسل وعدم الكفاية، والشتم، والأحاديث النابية، والعصيان، والسكر، والاختلاف إلى الحانات، ومعاشرة الخليلات، وعدم الخشوع في الكنيسة-كل أولئك يجب أن يعاقبه رب العمل، وبالجلد أحياناً. أما ساعات العمل فطويلة-وقد تبلغ اثني عشرة أو أكثر تتخللها فترات من ثلاثين إلى أربعين دقيقة لتناول الطعام. أما الأجور فضئيلة، يدفع جزء منها أحياناً سلعاً يحدد