للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطأتها إلى درجة يتطلع الناس معها إلى عودة محاكم التفتيش الكاثوليكية (٢١).

وسرعان ما أسترد بيل هدوء نفسه وعاد إلى طبيعته، فتكيف مع الظروف، وكان له كل العزاء والسلوى أنه استطاع أن يخصص كل ساعات عمله لإنجاز "قاموس" العصر الذي كان قد شرع في تأليفه فعلاً. وراض نفسه على العيش على مدخراته، وعلى بعض مكافآت شرفية من ناشري كتبه. وتلقى عروضاً بالرعاية من سفير فرنسا في هولندا ومن ثلاثة من النبلاء الإنجليز يحملون لقب أرل، ولكنه رفض في لطف وكياسة، بل أنه رفض مائتي جنيه عرضها عليه أرل شروزبري نظير إهداء القاموس إليه. وكان له أصدقاء، ولكنه لم يكن له من وسائل اللهو والتسلية إلا القليل. "لم أهتم بالملاهي العامة أو الألعاب أو الرحلات الريفية … أو غيرهما من سباب الترفيه والمتعة، ولم أضيع وقتي فيها ولا في المهام المنزلية، ولم أطمع قط في منصب … إني أجد كل الحلاوة والراحة في الدراسات التي شغلت نفسي بها، وهي كل متعتي وبهجتي إني سأغني لنفسي وللموزيات (ربات الشعر والفنون والعلوم (٢٢) ".

وهكذا قبع هادئاً في حجرته يعمل أربع عشرة ساعة في اليوم، يضيف صحيفة إلى صحيفة في المجلدات الغريبة التي أصبحت منبع "الاستنارة". وظهر المجلدان الضخمان في ٢٦٠٠ صحيفة في روتردام في ١٦٩٧ تحت اسم "قاموس تاريخي نقدي"، ولم يكن معجم مفردات، بل دراسة نقدية للأشخاص والأماكن والآراء، وفي التاريخ والجغرافيا وعلم الأساطير واللاهوت والأخلاق والأدب والفلسفة وصاح وهو يدفع بالتجارب النهائية إلى المطبعة "سبق السيف العذل" وكان هذا العمل مقامرة ثقيلة بالحياة وبالحرية. لأنه أحتوى على هرطقات أكثر مما ضم أي كتاب آخر في هذا القرن، وربما أكثر من حفيده، "موسوعة" ديدرو ودالمبرت (١٧٥١).

وكان بيل قد بدأ وأمامه هدف محدود هو تصحيح الأخطاء وسد النقص في "القاموس التاريخي الكبير" الذي كان موريري قد أصدره في ١٦٧٤ من وجهة النظر الكاثوليكية التقليدية، ولكن الهدف اتسع