نشأ هذا الشكل الجديد نسبياً من كورالات العصور الوسطى التي تمثل أحداثاً في التاريخ المدون في الكتاب المقدس أو حية القديسين. وكان القديس فليب نيري قد خلع على هذا الشكل اسمه بتفضيله إياه وسيلة للعبادة التعليم الديني في مصلى آباء الأوراتوريو في روما. وطور جاكومو كاريسمي وتلميذه اليساندرو سكارلاتي الأوراتوريو في إيطاليا، ونقلها هنريس شوتس من إيطاليا إلى ألمانيا، وبلغ رينهارت كيزر بهذا اللون شأوا بعيداً قبل موته (١٧٣٩). وهذا هو التراث الذي بلغ غايته في "مسيا" Messiah هندل عام ١٧٤١.
والفضل في نجاح هندل يرجع بعضه إلى توفيقه بين هذا الشكل وبين الذوق الإنجليزي. وقد واصل اختيار موضوعات الأوراتوريو من الكتاب المقدس، ولكنه أضفى عليها بين الحين والحين عنصر تشويق غير ديني، كما فعل في موضوع الحب في "يوسف واخوته". وفي "يفتاح"؛ وركز على الطابع الدرامي لا الديني، كما فعل في "شاول" و "إسرائيل في مصر"؛ واستعمل نصاً إنجليزياً خالصاً، أخذ جزءاً منه فقط من الكتاب المقدس. لقد كانت في جزء كبير منها موسيقى دينية، ولكنها مستقلة عن الكنائس والطقوس. وقد مثلت على مسرح تحت رعاية علمانية. يضاف إلى هذا أن هندل استخدم الموضوعات الكتابية ليرمز بها للتاريخ الإنجليزي، فإسرائيل ترمز إنجلترا، وتمرد ١٦٤٢ الكبير وثورة ١٦٨٨ المجيدة يمكن سماعها في كفاح اليهود للتحرر من ربقة المصريين (أسرة ستيوارت) والسيطرة الهلنستية (الغالية)؛ ولم يكن الشعب المختار في حقيقته سوى الأمة الإنجليزية، وإله إسرائيل هو نفسه الإله الذي قاد الشعب الإنجليزي إلى النصر بعد المحن. وكانت فكرة هندل عن الله أشبه بفكرة البيورتان، فهو "يهوه" إله العهد القديم الجبار، لا إله الآب كما يصور العهد الجديد (٥٨). وكان هذا إحساس إنجلترا، فاستجابت في فخر لأوراتوريوات هندل.
بدأ الطريق الصاعد إلى "المسيا" بأوراتوريو "شاول" التي أخرجت على مسرح صاحب الجلالة في ١٦ يناير ١٧٣٩. "إن مارش الموتى المهيب، الجليل، لكفيل وحده بأن يخلد هذا العمل (٥٩) ".