والرقة، التي واءم بينها وبين أنبل الألفاظ وأجلها وأشدها تأثيراً، لتطرب وتسحر القلب والأذن المسلوبين. ومن الإنصاف لمستر هندل أن يعرف العالم أنه تبرع في سخاء بحصيلة هذه الحفلة الكبرى لتوزع بالتساوي بين جمعية إغاثة المسجونين، ومبرة العجزة، ومستشفى ميرسر، وهو عمل ستذكره له هذه الهيئات بالشكر على الدوام (٦٣)".
وأعيد عرض "المسيا" في دبلن في ٣ يونيو. وقد أعيدت ألف مرة منذ ذاك التاريخ، ومع هذا فمنذا الذي مل تلك الألحان-سواء الهادئة منها أو الفخمة-، تصاحبها الترانيم الخافتة الرقيقة اللطيفة مثل "سوف يطعم قطيعة" و "أعلم أن فادي حي"، و "ليتمجد اسمه" و "كان مزدري مرفوضاً"؟ لقد حدث والمسز كبر تترنم بهذا اللحن الأخير في أول عرض بدبلن أن صاح قسيسأنجليكاني من بين الحاضرين قائلاً "لتغفر لك خطاياك من أجل هذا أيتها المرأة! " فكل ما في الرجاء الديني من عمق وحرارة، وكل ما في الترتيل الورع من رقة وحنان، وكل ما وهب الموسيقى من فن وعاطفة-كل هذا اجتمع ليجعل من هذه الألحان أرفع اللحظات في الموسيقى الحديثة.
وفي ١٣ أغسطس غادر هندل دبلن منتعش الروح ممتلئ الجيب ولقد عقد النية على أن يغزو إنجلترا من جديد. ولا بد أنه قد سرى عنه غلو بوب في الثناء عليه في الجزء الرابع من "ملحمة الأغبياء" (١٧٤٢):
هاهو هندل العملاق يقف قوياً وهو مدجج بسلاح جديد!
مثل برياريوس الشجاع، وله مائة يد (أي الأوركسترا)
يأتي ليحرك ويوقظ ويهز النفوس
ورعود جوبيتر تتبع طبوا مارس
وعليه ففي ١٨ فبراير ١٧٤٣، في المسرح الملكي بكوفنت جاردن، قد الموسيقي الذي استعاد شبابه أوراتوريو "شمشون". وكان جورج الثاني على رأس الصفوة اللندنية التي حضرت حفلة الافتتاح. وأبهج الاستهلال الجميل كل إنسان سمعه إلا هوراس ولبول، الذي صمم على ألا يعجب بشيء قط؛ وكان اللحن الرفيع الذي مطلعه "يا رب الجنود"