للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رائعاً روعة تقرب من روعة ألحان المسيا، وكما فعل شمشون الجبار الذي سحق بقوته المحتفلين إذ أسقط عليهم المعبد، فكذلك كان تأثير أوراتوريو "شمشون" ساحقاً على الحاضرين. ولكن حين عرضت المسيا نفسها بعد شهر (٢٣ مارس) على لندن، لم يستطع حتى الملك-الذي أرسي يومئذ تقليداً دائماً بوقوفه عند ترنم الفرقة بلحن "هللويا"-أن ينهض بالأوراتوريو إلى مقام التقبل. فرجال الدين نددوا باستعمال المسرح للموسيقى الدينية، أما النبلاء فما زالوا على صدهم وجراح إخفاق فرقتهم الأوبرالية توجعهم. ولم تعرض المسيا في العامين التاليين إلا ثلاث مرات، ثم توقف عرضها حتى عام ١٧٤٩. ففي ذلك العام أهدى هندل، الذي كان رجلاً باراً بالإنسانية فيما بين إفلاساته، أرغناً جميلاً لمستشفى اللقطاء الذي كان صديقه هوجارث يحبه حباً جماً، وفي أول مايو ١٧٥٠ أول عرض من عروض المسيا السنوية لإعانة أولئك البؤساء المحظوظين.

وفي ٢٧ يونيو ١٧٤٣ قاد جورج الثاني جيشه للنصر في معركة ديتنجن. فلما عاد إلى لندن حيته المدينة بالعروض والأضواء والموسيقى، وصدحت الكنيسة الملكية في قصر سانت جيمس بـ "تسبيحة ديتنجن" التي لحنها هندل لهذه المناسبة (٢٧ نوفمبر). وكانت نتاج العبقرية والمقص، لأنها احتوت فقرات مسروقة من مؤلفين أسبق وأقل شأناً من هندل، ولكنها كانت معجزة من معجزات اللصق. وابتهج الملك.

فلما أن تشجع هندل بالابتسامات الملكية، جدد جهوده ليقتنص آذان لندن من جديد. وفي ١٠ فبراير ١٧٤٤ قدم أوراتوريو أخرى سماها "سملي" احتوت ترنيمة بديعة اسمها "حيثما سرت" ما زالت تترنم بها إنجلترا وأمريكا، ولكن الأوراتوريو لم تستطع تجاوز عروض أربعة. وظل النبلاء على عدائهم لهندل، وحرصت نبيلات كثيرات على إقامة الولائم المترفة في الأمسيات المقررة للحفلات الموسيقية التي يحييها هندل، واستؤجر الأوباش ليمزقوا إعلاناته. وفي ٢٣ أبريل ١٧٤٥ ألغى الحفلات الموسيقية الثمان التي أعلن عنها من قبل، وأغلق مسرحه، واعتزل في تنبردج ولز. وأرجفت الشائعات أنه مجنون. كتب حامل لقب ايرل شافتسبري في تلك الفترة يقول (٢٤ أكتوبر) "إن هندل المسكين يبدو