وأباح لعشيقته المركيزة دي بري من النفوذ والسلطان أكثر مما ينبغي، وكانت ذكية، ولكن ذكاءها كان دون جمالها، فاحتالت على زواج لويس الخامس عشر من ماري لزكزنسكا، أملاً في أن تستبقي الملكة الشابة تحت تأثيرها. ومهما يكن من أمر فإن ماري سرعان ما فقدت نفوذها وعطفت مدام دي براي على فولتير، وأقصت رجال الدين ودفعت الدوق إلى مهاجمة الأسقف الذي يتولى تعليم الملك، والذي كان قد أوصى الملك باختيار الدوق ليكون وزيره الأول. ولكن الملك كان يعجب بمعلمه ويثق فيه أكثر من أي رجل آخر في الدولة.
وكان أندريه هركيل دي فليري قد عين أسقفاً في فريجيس ١٦٩٨ ثم مؤدباً للملك ١٧١٥. وسرعان ما أصبح ذا تأثير شديد على عقل الصبي. وكان الأسقف فارع الطول وسيماً مرناً لبقاً، كسولاً بعض الشيء لا يتعجل الحظ والثراء أبداً، ولو أنه وصل إلى ما يصبوا إليه. واعتقد ميشيليه وسانت بيف أن فليري، باعتباره معلماً، كان قد أضعف شخصية الملك الصغير بإطلاق العنان لرغباته وشهواته في ابتهاج خال من الهموم والتفكير، ورباه على مساندة اليسوعيين والعطف عليهم (٨١). ولكن فولتير، الذي لم يكن صديقاً لرجال الدين، أعجب بفليري، وقدره أعظم تقدير، معلماً ووزيراً، على حد سواء وأخذ فليري على عاتقه أن يشكل ذهن تلميذه ويدربه على العمل والتكتم والاستقامة والأمانة، وعلى أن يصون نفسه وسط تعجل الحاشية وهياجها وصخبها، طيلة الفترة التي لم يبلغ فيها الملك سن الرشد، والتي نعم فيها بحسن تأثير الوصي وتقدير الشعب. ولم يمن فليري قط بقيمة خدماته، ولم يشكك قط من الآخرين، ولم يغمس يده في مكائد الحاشية ودسائسهم قط. وحاول سراً أن يتعرف على شئون المملكة في الداخل ومصالحها في الخارج. وصفوة القول إن سلوكه الواعي الحذر ومزاجه اللطيف جعلا كل فرنسا تود أن تراه على رأس الإدارة فيها (٨٢).
ولما علم فليري بأن تأثيره المستمر في تقرير السياسة استفز الدوق دي بوربون ليوصي بطرده من البلاط، ولم يبذل أي محاولة للاحتفاظ بمركزه