للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان هرشل يضطرم شوقاً إلى وضع الخرائط للسماء، فصنع تلسكوبه الخاص بمعاونة أخيه. وشحذ العدسات وصقلها بنفسه، وذات مرة واصل هذه العملية بلا انقطاع ست عشرة ساعة، وكارولين تطعمه وهو يشتغل، أو تخفف من سأمه بأن تقرأ له من سرفانتس، أو فيلدنج، أو ستيرن. وكان هذا الأول في عدة تلسكوبات صنعها هرشل بيده أو تحت إشرافه. وفي ١٧٧٤، حين بلغ السادسة والثلاثين، أجرى أول أرصاده، ولكنه ظل سنين كثيرة لا يستطيع أن يعطي الفلك من وقته إلا يسمح به عمله موسيقياً. وقد درس كل جزء من أجزاء السماء أربع مرات. وفي الجولة الثانية من هذه الجولات، في ١٤ مارس ١٧٨١، كشف كشفه الخطير الذي بخس قدره بخساً شديداً. قال:

رأيت وأنا أفحص النجوم الصغيرة القريبة من هـ. جمينورم أنجما ظهر بوضوح أنه أكبر من غيره. وإذ أدهشني مظهره غير العادي، فقد قارنت بينه وبين هـ جمينورم والنجم الصغير الذي في الزاوية القائمة بين أوريجا وجميني، وإذ وجدته أكبر كثيراً من كل منهما، فقد اشتبهت في كونه مذنباً" (٥٥).

ولم يكن النجم مذنباً؛ وقد ظهر الفحص المتصل أنه يدور حول الشمس في فلك يكاد يكون دائرياً، يكبر تسع عشرة مرة عن فلك الأرض، ومرتين عن فلك زحل، لقد كان كوكباً جديداً، وأول الكواكب التي ميزت على هذا النحو في سجلات الفلك المدونة. وهلل العالم المثقف بأسره للكشف الذي ضاعف قطر المجموعة الشمسية عما عرف من قبل. وكافأت الجمعية الملكية هرشل بزمالتها وبمدالية كويلي، وأقنعه جورج الثالث بأن يترك عمله موسيقياً ويصبح فلكياً للملك. وأطلق هرشل على الكوكب الجديد اسم جورجيوم سيدس (نجم الجورجيين)، ولكن الفلكيين اتفقوا بعد ذلك على تسمية "أورانوس"، فأنتزعوه بذلك من الملوك الهانوفرين وأسلموه لآلهة الوثنيين كما فعلوا بكل أخوته تقريباً.

وفي ١٧٨١ انتقل وليم كارولين إلى سلاو، وهي مدينة لطيفة على الطريق من لندن إلى وندسور. ولم يكف راتبه المتواضع البالغ مائتي جنيه