للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقره الديني في أوترخت Utrecht، وظل أربعين عاماً يعمل لهداية الفريزيين إلى المسيحية. ولكن أولئك الملاك ذوي النزعة الواقعية رأوا في وليبرورد يد بيبين الأصغر حاميه ونصيره؛ ولم يكن يرضيهم أن يقال لهم إن جميع أسلافهم غير المعمدين مثواهم الجحيم. ويروي أن ملكاً فريزياً عرف هذا وهو يوشك أن يعمد، فامتنع عن التعميد وقال إنه يفضل أن يخلد مع آبائه (٤١).

وواصل رجل أقوى من وليبرورد هذه الحملة في عام ٧١٦. ذلك أن نبيلاً إنجليزياً وراهباً بندكتياً يدعى ونفريد (٦٨٠؟ -٧٥٤) منحه البابا جريجوري الثاني اسم بنيفاس ولقبَّه خلفاؤه الصالحون لقب "رسول ألمانيا". وقد وجد ونفريد هذا بالقرب من فرتزلار Fritzlar في هس Hesse شجرة بلوط يعبدها الناس على أنها موطن لإله من الآلهة، فما كان منه إلا أن قطع الشجرة، ودهش الناس حين رأوا أنه ظل حياً فهرعوا إليه يطلبون التعميد. وأقيمت بعدئذ أديرة عظيمة في ريخنو Reichenau (٧٢٤) ، وفلدا Fulda (٧٤٤) ، ولورسخ Lorsch (٧٦٣) . وعيَّن بنيفاس كبيراً لأساقفة مينز في عام ٧٤٨، فنصب عدداً من الأساقفة ونظم الكنيسة الألمانية فجعلها أداة قوية لتقويم الأخلاق وتوطيد دعائم النظام الاقتصادي والسياسي. ولما أتم رسالته في هس وثورنجيا، أراد أن يختم حياته بالاستشهاد في سبيل الدين، فدخل فريزيا يعتزم أن يتم العمل الذي بدأه وليبرورد. وبعد أن ظل يكدح في هذا العمل سنة أو نحوها هاجمه الوثنيون وقتلوه. وبعد عام من مقتله نشر شارلمان الدين المسيحي بين السكسون بالسيف والنار، ورأى الفريزيون المعاندون أن لا مناص من الخضوع، وتم بذلك فتح بلاد الذين فتحوا روما على أيدي المسيحية الروماتية.

وكان آخر انتصارات الدين في أوربا هو هداية الصقالبة. وتفصيل ذلك أن رستسلاف Roslislav أمير مورافيا رأى المسيحية اللاتينية تدخل بلاده وتغفل في شعائرها لغة البلاد، فطلب إلى بيزنطية أن ترسل لبلاده مبشرين