للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستنشاق مصحوبة في أغلب الظن بشرب مزيج أساسه المندرغورة (١)، ومحتو في العادة على الأفيون وعصير الشوكران، والتوت. وقد ورد ذكر هذه "الإسفنجة المنومة" في القرن التاسع وما بعده (٧٨). أما التخدير الموضعي فكان يستعان عليه بضمادة غمست في محلول شبيه بهذا. وكان المريض يوقظ بتشميمه عصير الشمر. ولم تكن أدوات الجراحة وقتئذ قد تقدمت عما كانت عليه عند اليونان الأقدمين؛ أما فن التوليد فقد انحط عما كان عليه في عهد سورانس Soranus ( عام ١٠٠م) وبولس الإنجيني paul of Aegina ( حوالي ٢٤٠م). وقد ذكرت العملية القيصرية (٢) في الأدب، ولكن يبدو أنها لم يكن يلجأ إليها. وكان تقطيع الجنين عند تعسر الولادة لتخليصه من الرحم يلجأ إليه في كثير من الأحيان لأن القابلة قلّما كانت تعرف كيف تغير وضع الجنين. وكانت الولادة تحدث في كرسي يعد لهذا الغرض خاصة (٧٩).

وتقدمت المستشفيات وقتئذ عما عرف عنها في أي عصر من العصور القديمة. فقد كان عند اليونان الأقدمين مؤسسات دينية لعلاج المرضى؛ وأنشأ الرومان مستشفيات لعلاج جنودهم، ولكن نظم الصدقات المسيحية كانت هي السبب في تقدم نظام المستشفيات تقدماً كبيراً. وحسبنا أن نذكر عن هذا التقدم أن القديس باسيلي أسس في مدينة قيصرية من أعمال كبدوكيا داراً تسمى الباسلياس نسبة إليه، كان فيها عدة مبان للمرضى، والممرضات، والأطباء، والمصانع، والمدارس. وافتتح القديس إفرايم Ephraim مستشفى في الرها عام ٣٧٥؛ وأنشئت مستشفيات أخرى في جميع أنحاء الشرق اليوناني وتخصصت وتنوعت. وكان عند اليونان البيزنطيين مصحات للمرضى، وملاجئ للقطاء، وأخرى لليتامى، وملاجئ للفقراء،


(١) وتسمى البيروح وهي نبات من الفصيلة الباذنجانية معروف في العالم القديم سبيه بصورة الإنسان (من قاموس الدكتور شرف). (المترجم)
(٢) وهي تخليص الجنين بشق البطن بدون استئصال الرحم. (المترجم)