ثم أن العبقرية لا تعوزه. وبعث بحماسته الحمية في اثنين من أبناء عمومته هما أجوستينو وأنيبالي كاراتشي- وكان أحدهما صائغا والآخر خياطاً، فرحلا إلى البندقية وبارما ليدرسا فن تيشان (تتسيانو) وكوريدجو. فلما عادا انضما إلى لودوفيتشو وفتح الثلاثة أكاديمية "للبادئين عل الطريق (١٥٨٩). وقد وفروا فيها تعليم اصول الفن وتاريخه وطرائقه، والدرس المدقق لأئمة الفن، ورفضوا التشديد على "اللازمات" أو الأغرابات التي التزمها أي من الفنانين، بل آثروا الجمع بين نعومة رفائيل الانثوية، وبلاغة كوريدجو الرقيقة، وفحولة ميكل أنجيلو، وتنويع ليوناردو الضوئي، وتلوين تيشان الدافئ- كلها من مذهل شامل واحد. هذه "المدرسة الانتقائية" اتاحت لبولونيا أن تنافس روما، عاصمة فنية لايطاليا.
والصور التي خلفها المصورون كاراتشي لا تحصى، وكثير منها محفوظ في أكاديمية بولونيا للفنون الجميلة، وبعضها في اللوفر، ولكنا نجدها في أماكن أخرى كثيرة. ونتاج لودفيتشو أقلها جاذبية، ولكنه يبلغ غايته في صورة "البشارة" المشرقة، وصورة"استشهاد القديسة أورسولا"، وكلتاهما في "قاعة صور الأكاديمية. أما اجوستينو ففنه يتجلى في لوحة "عشاء القديس جيروم" القوية- التي لم تمنعه من الاستجابة للطلب الكثير على نسخ من الصور الفاجرة. وأما أنيبالي فكان ألمع أفراد الأسر موهبة، وقد نقل عن كوريدجو في الخطوط والالوان ندر أن طاولها أبنا عمه. تأمل الاناقة الشهوانية في لوحته "الباخوسية" المحفوظة بقاعة الأوفتزي، وصورة الأنثى الكاملة في "الحورية والاساطير" المحفوظة بقصر بيتي، وصورة الذكر الكامل في "عبقرية الشهرة" المحفوظة بدرسدن؛ وقد أبدع في لوحته "المسيح والمرأة السامرية"(فينا) آية من آيات الفن في هذه الحقبة- صورا جديرة بريشة رفائيل، ومنظرا طبيعيا سبق به بوسان.
وفي عام ١٦٠٠ قبل أنيبالي وأجوستينو دعوة الكردينال فارنيزي لهما ليذهبا إلى روما ويرسما صالة قصره فيها. فاختارا موضوعا مناسبا ورسما "انتصار باخوس" وهي مهرجان روبنزي من المفاتن الأنثوية.