للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجَال التربية والتعليم أَن يغرسوا فِي قُلُوب أبنائهم وتلاميذهم مراقبة الله تَعَالَى فِي أَعْمَالهم وَسَائِر أَحْوَالهم، لتصبح هَذِه المراقبة الإلهية سلوكا لَازِما لَهُم فِي كل تصرفاتهم وَيتم ذَلِك بترويض الْوَلَد على مراقبة الله وَهُوَ يعْمل فيتعلم الْإِخْلَاص لله عز وَجل فِي كل أَقْوَاله وأعماله وَسَائِر تَصَرُّفَاته وَيكون مِمَّن شملهم الْقُرْآن بقوله تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ... } ١.

وَكَذَلِكَ ترويضه على مراقبة الله وَهُوَ يفكر ليتعلم الأفكار الَّتِي تقربه من خالقه الْعَظِيم وَالَّتِي بهَا ينفع نَفسه ومجتمعه وَالنَّاس أَجْمَعِينَ.

وَأَيْضًا ترويضه على مراقبة الله وَهُوَ يحس. فيتعلم كل إحساس نظيف وليتربى على كل شُعُور طَاهِر.. وَهَذَا النمط من التربية والمراقبة قد وَجه إِلَيْهِ المربي الأول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي إجَابَته السَّائِل عَن الْإِحْسَان: " أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك " ٢.

وَهَذِه الظَّاهِرَة من الترويض والتعليم كَانَت ديدن السّلف الصَّالح فِي ترويضهم لأولادهم وتأديبهم عَلَيْهَا٣.

وحينما ينهج المربون فِي تربية الْأَوْلَاد هَذَا النهج ويسير الْآبَاء والأمهات فِي تَأْدِيب الْأَبْنَاء على هَذِه الْقَوَاعِد يَسْتَطِيعُونَ بِإِذن الله تَعَالَى فِي فَتْرَة يسيرَة من الزَّمن أَن يكوّنوا جيلاً مُسلما مُؤمنا بِاللَّه معتزاً بِدِينِهِ، مفتخراً بتاريخه وأمجاده، ويستطيعون كَذَلِك أَن يكوّنوا مجتمعاً نظيفاً من الْإِلْحَاد والميوعة والحقد، ونظيفاً من الجريمة٤.


١ - سُورَة الْبَيِّنَة: آيَة (٥) .
٢ - مُسلم: صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ٢/٢٧٢ كتاب الْإِيمَان (١) ، بَاب بَيَان الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَالْإِحْسَان (١) ، رقم الحَدِيث (١) .
٣ - عبد الله علوان: تربية الْأَوْلَاد فِي الْإِسْلَام ٢/١٥٩ - ١٦٠.
٤ - الْمرجع السَّابِق ٢/١٦١.

<<  <   >  >>