للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذلك من الظُّلم والرياء والفسوق والعصيان، ثمَّ تستعد النَّفس بعد سلب كل شرك عَن النَّفس بملء الْقلب بدين التَّوْحِيد الْخَالِص، والتوحيد سلب وَإِيجَاب، سلب كل ماعدا الله، وَإِيجَاب للألوهية المنزهة عَن كل شرك١. وللإيمان الْكَامِل بأركانه السِّتَّة آثَار تربوية عَظِيمَة فِي حَيَاة الْفَرد والمجتمع، فالإِيمان هُوَ الَّذِي يهيأ النَّفس الإِنسانية دَائِما للرضا والأمن وللعمل الجاد المثمر، كَمَا يضفي على النَّفس المؤمنة رضَا يغمرها فَلَا يَسْتَطِيع شَيْء مهما عظم أَن يسخطها، فَيحصل لَهَا بذلك الطُّمَأْنِينَة والراحة النفسية٢.

مِمَّا سبق يَنْبَغِي أَن يكون الأَصْل الأول الَّذِي يجب على الْآبَاء أَن يربوا أَبْنَاءَهُم عَلَيْهِ ترسيخ عقيدة التَّوْحِيد فِي نُفُوسهم من المراحل الأولى من أعمارهم واستخدام كَافَّة الْوَسَائِل المتاحة فِي سَبِيل ذَلِك مَعَ مُرَاعَاة خَصَائِص النمو الْعقلِيّ والإدراكي لَهُم تأسياً بالمعلم الأول نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن الْأَمْثِلَة على ذَلِك عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ: أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهُ أَن أُنَاسًا قَالُوا لرَسُول الله: يَا رَسُول الله هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة ... "وَفِي جَهَنَّم كلابيب٣ مثل شوك السعدان٤، هَل رَأَيْتُمْ شوك السعدان؟ " قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله، قَالَ: "فَإِنَّهَا مثل شوك السعدان غير أَنه لَا يعلم مَا قدر عظمها إِلَّا الله " ٥.

فَفِي الحَدِيث السَّابِق درس وتطبيق عَمَلي من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طرح قضايا الْإِيمَان مستخدماً فِي ذَلِك أسلوب ضرب الْأَمْثَال لمناسبته لحَال المخاطبين لما يَلِي:


١ - الْمرجع السَّابِق: ص ٩٣.
٢ - لمزيد من التَّفْصِيل فِي هَذَا الْمَوْضُوع انْظُر النحلاوي: أصُول التربية الإسلامية ص ٧٧ - ١٠٤.
٣ - كلابيب: جمع كَلوب وَهِي حَدِيدَة معطوفة الرَّأْس يعلق فِيهَا اللَّحْم وَترسل فِي التَّنور.
٤ - السعدان: من أفضل مرَاعِي الْإِبِل وشوكه مستدير يشبه حلمة الثدي. انْظُر الْجَوْهَرِي: ١/٤٨٥ مَادَّة (سعد) .
٥ - مُسلم: صَحِيح مُسلم ١/١٦٥، كتاب الْإِيمَان، بَاب معرفَة طَرِيق الرُّؤْيَة (٨١) ، رقم الحَدِيث (١٨٢) .

<<  <   >  >>