للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمن هُنَا كَانَت الْآدَاب الَّتِي أوصى بهَا لُقْمَان ابْنه بعد تأكيده على العقيدة وغرس التَّوْحِيد، ومراقبة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى والتأكيد على الْعِبَادَة أَيْضا.

وَفِيمَا يَلِي بَيَان للآداب الْمَذْكُورَة فِي وَصِيَّة لُقْمَان لِابْنِهِ وَالَّتِي يَنْبَغِي أَن يتضمنها منهاج التربية الإسلامية.

أ) برّ الْوَالِدين:

فقد أمرنَا الله عز وَجل بر الْوَالِدين وَجعل حَقّهمَا فِي مرتبَة تالية لحقه١، فالوالدان هما السَّبَب الَّذِي شَاءَ الله أَن يُوجد الْأَبْنَاء من خلاله وَقد عانيا فِي سَبِيل ذَلِك عناءً كَبِيرا ولاقيا صعاباً جمة، وخاصة الْأُم الَّتِي حملت وليدها كرها، وَوَضَعته كرها، وَمَعَ هَذَا فقد أمرنَا الْخَالِق تَعَالَى بإكرامها، وخفض الْجنَاح لَهما، وَالدُّعَاء لَهما.

وَبِنَاء على ذَلِك يَنْبَغِي على الْآبَاء والمربين أَن يغرسوا فِي أبنائها وتلاميذهم حب الْوَالِدين وَأَن يعملوا على تكوين الاتجاه الإيجابي نَحْو بر الْوَالِدين وَالشُّكْر لَهُم وطاعتهم واحترامهم على أَن يكون ذَلِك مُنْذُ الصغر ليسهل عَلَيْهِم تطبيقه فِي الْكبر.

ب) التَّوَاضُع والبعد عَن التكبر:

يظْهر هَذَا فِي قَول الْحق تبَارك وَتَعَالَى حِكَايَة عَن لُقْمَان {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاس ... } الْآيَة٢.

فالمسلم يتواضع لِأَخِيهِ الْمُسلم فِي غير مذلة وَلَا مهانة والتواضع من أَخْلَاق الْإِسْلَام المثالية وَصِفَاته الْعَالِيَة، وَالْكبر على عكس من ذَلِك، فَفعله مَذْمُوم وَصَاحبه كَذَلِك فَفِي الحَدِيث الْقُدسِي يَقُول الله تَعَالَى: "الْكِبْرِيَاء


١ - انْظُر ذَلِك بالتفصيل ص ٢٠ - ٢٤ من هَذِه الدراسة.
٢ - سُورَة لُقْمَان آيَة (١٨) .

<<  <   >  >>