للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا رَوَاهُ أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "إِذا قَالَ العَبْد أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ الله يَا ملائكتي علم عَبدِي أَنه لَيْسَ لَهُ رب غَيْرِي - أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُ " ١.

وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "من علم أَن الله ربه وَأَنِّي نبيه موقنا من قلبه حرمه الله على النَّار" ٢.

هَذِه بعض الْأَدِلَّة من الْكتاب وَالسّنة الَّتِي توضح شَرْطِيَّة الْعلم بِلَا إِلَه إِلَّا الله ولاشك أَن الْعلم لَا يكون علما إِلَّا إِذا كَانَ نَافِعًا وَلَا يكون نَافِعًا إِلَّا مَعَ الْعَمَل. فَمن لم ينْتَفع بِهَذِهِ الشَّهَادَة بِالْعَمَلِ بِمَا تَقْتَضِيه لم يتَحَقَّق لَدَيْهِ شَرط الْعلم.

قَالَ البقاعي: " "لَا إِلَه إِلَّا الله " أَي انْتَفَى انْتِفَاء عَظِيما أَن يكون معبوداً بِحَق غير الْملك الْأَعْظَم، فَإِن هَذَا الْعلم هُوَ أعظم الذكرى المنجية من أهوال السَّاعَة، وَإِنَّمَا يكون علما إِذا كَانَ نَافِعًا وَإِنَّمَا يكون نَافِعًا إِذا كَانَ مَعَ الإِذعان وَالْعَمَل بِمَا تَقْتَضِيه وَإِلَّا فَهُوَ جهل صرف"٣.

وَالْمرَاد من هَذِه الْكَلِمَة - كَمَا ذكرت آنِفا - مَعْنَاهَا وتحقيقها بِالْعَمَلِ بمقتضاها لَا مُجَرّد لَفظهَا فَإِن الْمُنَافِقين كَانُوا يَقُولُونَهَا وهم تَحت الْكفَّار فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار.

وَالْكفَّار - مَعَ جهلهم بِمَا جَاءَ فِي الْكتاب وَالسّنة - يعلمُونَ أَن مُرَاد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذِهِ الْكَلِمَة هُوَ إِفْرَاد الله بالتعلق وَالْكفْر بِمَا يعبد من دون الله والبراءة مِنْهُ، فَإِنَّهُ لما قَالَ لَهُم: "قُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله" قَالُوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ!} ٤.


١ - رَوَاهُ ابْن عَسَاكِر عَن أنس. انْظُر: كنز الْعمَّال ج ١ـ ص ٤٨ حَدِيث ١٣٦.
٢ - رَوَاهُ الْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة والخطيب عَن عمرَان بن حُصَيْن. انْظُر: كشف الأستار عَن زَوَائِد الْبَزَّار الجالون١ ص١٥. وَالْجَامِع الْكَبِير للسيوطي ج١ص٨٠٢، وكنز الْعمَّال ج١ ص ٦٨ برقم ٢٥٧.
٣ - فتح الْمجِيد ص ٣٨، وتيسير الْعَزِيز الحميد ص ٥٦.
٤ - آيَة ٥ سُورَة ص.

<<  <   >  >>