للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ غَلَبَتِهَا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَيُفَارِقُ مَالَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَرَّمَ ذَلِكَ فِي الْمَالِ مُنَافَاتُهُ غَرَضَ وَلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي حِفْظِهِ وَتَنْمِيَتِهِ بِخِلَافِهِ هُوَ كَمَا يَجُوزُ إرْكَابُ نَفْسِهِ، وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ تَحْرِيمِ إرْكَابِ الْبَهَائِمِ وَالْأَرِقَّاءِ وَالْحَامِلِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ (وَيَبْنِي دُورَهُ) وَمَسَاكِنَهُ (بِالطِّينِ وَالْآجُرِّ) أَيْ الطُّوبِ الْمُحْرَقِ؛ لِأَنَّ الطِّينَ قَلِيلُ الْمُؤْنَةِ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ النَّقْضِ، وَالْآجُرُّ يَبْقَى (لَا اللَّبِنِ) وَهُوَ مَا لَمْ يُحْرَقْ مِنْ الطُّوبِ (وَالْجِصِّ) أَيْ الْجِبْسِ؛ لِأَنَّ اللَّبِنَ قَلِيلُ الْبَقَاءِ وَيَنْكَسِرُ عِنْدَ النَّقْضِ، وَالْجِصُّ كَثِيرُ الْمُؤْنَةِ وَلَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ عِنْدَ النَّقْضِ بَلْ يُلْصَقُ بِالطُّوبِ فَيُفْسِدُهُ، وَتَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ فِي الْجِصِّ بِالْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ فَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ فِي اللَّبِنِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ الطِّينِ أَمْ الْجِصِّ، وَعَلَى الِامْتِنَاعِ فِي الْجِصِّ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ اللَّبِنِ أَمْ الْآجُرِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلِفَهْمِ الْمَنْعِ فِيمَا عَدَاهُمَا، وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ فِيمَا ذُكِرَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَصْرِ الْبِنَاءِ عَلَى الْآجُرِّ وَالطِّينِ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ جَوَازَ الْبِنَاءِ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ، وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّاشِيُّ.

قَالَ فِي الْبَيَانِ بَعْدَ حِكَايَةِ مَا مَرَّ عَنْ النَّصِّ: وَهَذَا فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَعِزُّ فِيهَا وُجُودُ الْحِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ تُوجَدُ الْحِجَارَةُ فِيهِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْآجُرِّ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا أَكْثَرُ وَأَقَلُّ مُؤْنَةً، وَمَا اشْتَرَطَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَنْ يُسَاوِيَ كُلْفَتَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ فِيهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: مُنِعَ لِلْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ مُسَاوَاتَهُ لِكُلْفَتِهِ فِي غَايَةِ النُّدُورِ وَكَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ عَقَارِهِ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ بِنَائِهِ لَهُ.

نَعَمْ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاؤُهُ أَحَظَّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: إنَّهُ فِقْهٌ ظَاهِرٌ.

(وَلَا) يَشْتَرِي لَهُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَلَوْ كَانَ مُرْبِحًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا (يَبِيعُ عَقَارَهُ) ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ أَسْلَمُ وَأَنْفَعُ مِمَّا عَدَاهُ (إلَّا لِحَاجَةٍ) مِنْ كِسْوَةٍ وَنَفَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا بِأَنْ لَمْ تَفِ غَلَّةُ الْعَقَارِ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مُقْرِضًا يَنْتَظِرُ مَعَهُ غَلَّةً تَفِي بِالْقَرْضِ، وَلَهُ بَيْعُهُ أَيْضًا لِثِقَلِ خَرَاجٍ أَوْ خَوْفِ خَرَابٍ أَوْ لِكَوْنِهِ بِغَيْرِ بَلَدِ الْيَتِيمِ، وَيَحْتَاجُ لِمُؤْنَةِ مَنْ يُوَجِّهُهُ لِيَجْمَعَ غَلَّتَهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ أَوْ يَبْنِيَ بِبَلَدِ الْيَتِيمِ مِثْلَهُ أَوْ لِحَاجَةِ عِمَارَةِ أَمْلَاكِهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْعَقَارِ (أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) كَبَيْعِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ جَوَازَ بَيْعِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ دَفْعًا لِرُجُوعِ أَصْلِهِ فِي هِبَتِهِ لَهُ، وَنَظَرَ فِي دُخُولِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْغِبْطَةِ، وَالْأَقْرَبُ دُخُولُهَا فِيهَا فَقَدْ فَسَّرَهَا الْجَوْهَرِيُّ بِحُسْنِ الْحَالِ، وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِجَوَازِ بَيْعِ ضَيْعَةِ يَتِيمٍ خَرِبَتْ، وَخَرَاجُهَا يَسْتَأْصِلُ مَالَهُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ لَهُ بَيْعَ كُلِّ مَا خِيفَ هَلَاكُهُ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ غَصْبُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ بِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَلَبَتِهَا) أَيْ السَّلَامَةِ

(قَوْلُهُ: إرْكَابِ الْبَهَائِمِ) أَيْ الَّتِي لِغَيْرِ الصَّبِيِّ الْبَحْرَ

(قَوْلُهُ: عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ) الْوَجْهُ جَوَازُ اتِّبَاعِهَا عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ اهـ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَمِثْلُهُ عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ حَجّ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ مُدْرَكًا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَقْتَضِ الْمَصْلَحَةُ الْجَرْيَ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَلَامِهِ هُنَا وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ سم

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُسَاوَاتَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَكَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ عَقَارِهِ) أَيْ الَّذِي تَهَدَّمَ بَعْضُ جُدْرَانِهِ، وَقَوْلُهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً إلَخْ: أَيْ أَنْ يُحْيِيَ لَهُ مَوَاتًا أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَرْضًا خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ ثُمَّ يُحَدِّثَهُ فِيهَا

(قَوْلُهُ: مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ عَاجِلًا قَبْلَ خَشْيَةِ فَسَادِهِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بَيْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخْلَفَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صَدَرَ بِنَاءً عَلَى الْمَصْلَحَةِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ كَافٍ

(قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ) وَكَبَيْعِ الْعَقَارِ إيجَارُ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي إيجَارِ مِثْلِهِ، وَالْمُرَادُ: أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مَا أَوْصَى بِهِ أَوْ كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِإِجَارَةٍ أَمَّا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ فِيهِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ

(قَوْلُهُ: وَيَحْتَاجُ لِمُؤْنَةِ) أَيْ مُؤْنَةٍ لَهَا وَقْعٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُحَصِّلُهُ مِنْ الْغَلَّةِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ) وَمِثْلُهُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي مِصْرنَا مِنْ أَنَّ مَا خَرِبَ مِنْ الْأَوْقَافِ لَا يَعْمُرُ فَتَجُوزُ إجَارَةُ أَرْضِهِ لِمَنْ يَعْمُرُهَا بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّاظِرِ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>