للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَوَاءٌ أَحَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ أَمْ لَا لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهَا، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: يَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ لِاسْتِرْقَاقِ أَوْلَادِهَا كَأُمِّهِمْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ.

وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ فَلَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ شُرُوطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ فَقَالَ (وَيَصِحُّ) (الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) إجْمَاعًا ابْتِدَاءً كَانَ أَوْ جَوَابًا لِدَعْوَى لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَيَقَعُ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا، وَأَرَادَ بِهِ مَا يَعُمَّ الْمُبْهَمَ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ كَمَا أَلْحَقَهُ بِهِ السُّبْكِيُّ (فَإِذَا) (قَالَ) مَا يَدَّعِيه زَيْدٌ فِي تَرِكَتِي فَهُوَ فِي حَقٍّ عَيَّنَهُ الْوَارِثُ أَوْ (لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِكُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ وَإِنْ قَلَّ) كَفَلْسٍ لِصِدْقِ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ، فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّفْسِيرِ أَوْ نُوزِعَ فِيهِ فَسَيَأْتِي قَرِيبًا.

وَضَابِطُ الْمُتَمَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَا يَسُدُّ مَسَدًا أَوْ يَقَعُ مَوْقِعًا يَحْصُلُ بِهِ جَلْبُ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ، وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا لَهُ فِي الْعُرْفِ قِيمَةٌ وَلَوْ قَلَّتْ جِدًّا كَفَلْسٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مُتَمَوَّلٍ مَالٌ وَلَا يَنْعَكِسُ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَقَوْلُهُمْ فِي الْبَيْعِ لَا يُعَدُّ مَالًا. أَيْ مُتَمَوَّلًا (وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا لَا يَتَمَوَّلُ) أَيْ لَا يُتَّخَذُ مَالًا (لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ بِمَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ) لِحِرَاسَةٍ أَوْ صَيْدٍ وَقِشْرَةِ نَحْوِ لَوْزٍ وَمَيْتَةٍ لِمُضْطَرٍّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ خِلَافًا لِلْقَاضِي (وَسَرْجَيْنِ) وَهُوَ الزِّبْلُ، وَكَذَا بِكُلِّ نَجَسٍ يُقْتَنَى كَجِلْدِ مَيْتَةٍ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ (قُبِلَ) كَمَا لَوْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ وَحْدِ قَذْفٍ الْوَدِيعَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِصِدْقِ مَا ذُكِرَ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِكَلِمَةِ عَلَيَّ وَالثَّانِي لَيْسَ بِمَالٍ، وَظَاهِرُ الْإِقْرَارِ الْمَالُ وَخَرَجَ بِعَلَيَّ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ بِنَحْوِ حَبَّةِ حِنْطَةٍ وَكَلْبٍ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا، وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ هَذِهِ الدَّارُ وَمَا فِيهَا صَحَّ وَاسْتَحَقَّ جَمِيعَ مَا فِيهَا وَقْتَ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ أَهُوَ بِهَا وَقْتَهُ صُدِّقَ الْمُقِرُّ وَعَلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ أَوْ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ صَحَّ وَصُدِّقَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قَبْلَ بَيْعِهِ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الرَّهْنِ يَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ فَتَاوَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ.

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) أَيْ لِأَيِّ شَخْصٍ كَانَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي حَقِّ عَيْنِهِ) أَيْ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُقِرُّ لَهُ شَيْئًا وَعَيَّنَهُ الْوَارِثُ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ فَوَّضَ أَمَرَ الْمَقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ دُونَ الْوَارِثِ فَكَيْفَ يُرْجَعُ لِتَعْيِينِهِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إقْرَارٌ مِنْهُ حَالًّا لَكِنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مَجْهُولٌ، فَلَمَّا لَمْ تَتَوَقَّفْ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ عَلَى تَعْيِينِ الْمُقَرِّ لَهُ رَجَعَ لِتَعْيِينِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي قَرِيبًا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ مَا يَسُدُّ إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَقَعُ إلَخْ لَكِنْ فِي حَجّ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ وَعَلَيْهَا فَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا يَحْصُلُ بِهِ نَفْعٌ (قَوْلُهُ: أَيْ مُتَمَوَّلًا) يُمْكِنُ أَنْ لَا يَحْتَاجَ لِذَلِكَ إلَّا لَوْ قَالُوا: لَيْسَتْ مَالًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يُعَدُّ مَالًا نَفْيٌ لِإِعْدَادِهِ: أَيْ تَسْمِيَتِهِ فِي الْعُرْفِ مَالًا، وَعَدَمُ التَّسْمِيَةِ فِي الْعُرْفِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ مَالٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ بِهِ لِحَقَارَتِهِ (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ بِالدِّبَاغِ) هَذَا يُخْرِجُ الْمُغَلَّظَ فَلَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِمَا فِي اللِّبَاسِ مِنْ أَنَّهُ يَحِلُّ جَعْلُهُ غِشَاءً لِنَحْوِ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا) يُمْكِنُ أَنْ يُصَوِّرَ ثُبُوتَ نَحْوِ الْحَبَّةِ بِمَا لَوْ أَتْلَفَ لَهُ حَبَّاتٍ مُتَمَوِّلَةً كَمِائَةٍ مَعْلُومَةِ الْأَعْيَانِ لَهُمَا ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِمَّا عَدَا حَبَّةً مُعَيَّنَةً فَإِنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مِثْلُ هَذَا نَادِرٌ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: صَدَّقَ الْمُقِرُّ) أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فَيَقَعُ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا) أَيْ كَمَا هُوَ شَأْنُ سَائِرِ الْإِخْبَارَاتِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَالشَّيْءُ يُخْبَرُ عَنْهُ مُفَصَّلًا تَارَةً وَمُجْمَلًا أُخْرَى (قَوْلُهُ: كَمَا أَلْحَقَهُ بِهِ السُّبْكِيُّ) الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا أَدْخَلَهُ فِيهِ السُّبْكِيُّ، فَإِنْ كَانَ السُّبْكِيُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِلْحَاقِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِنْ جَعَلَهُ السُّبْكِيُّ مُلْحَقًا بِهِ (قَوْلُهُ: لَصَدَقَ مَا ذُكِرَ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>