فَلَوْ خَرَجَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ الرِّضَا بِمِثْلِهِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْ الشَّفِيعِ الْجَيِّدَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَظَرَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْبَائِعُ مَعِيبًا وَرَضِيَ بِهِ أَنَّ عَلَى الشَّفِيعِ قِيمَتَهُ سَلِيمًا لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعِيبًا فَالتَّغْلِيظُ بِالْمِثْلِيِّ أَوْلَى.
قَالَ: وَالصَّوَابُ فِي كِلْتَا الْمَسْأَلَتَيْنِ ذِكْرُ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا اعْتِبَارُ مَا ظَهَرَ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي حَطِّ بَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا قَبْلَ اللُّزُومِ وَبَعْدَهُ أَنْ يُقَالَ بِنَظِيرِهِ هُنَا مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَضِيَ بِرَدِيءٍ أَوْ مَعِيبٍ قَبْلَ اللُّزُومِ لَزِمَ لِمُشْتَرٍ الرِّضَا بِهِمَا مِنْ الشَّفِيعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا، وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ الْتِزَامُ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنَّةَ الْبَائِعِ وَمُسَامَحَتَهُ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الرَّدِيءَ وَالْمَعِيبَ غَيْرُ مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ فَسَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ إلَى الشَّفِيعِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ، إذْ ضَرَرُ الرَّدَاءَةِ أَكْثَرُ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
جَوْهَرَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَحِينَئِذٍ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَرَجَ رَدِيئًا) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ: وَالِاسْتِبْدَالِ اهـ سم (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ) إنَّمَا يَظْهَرُ الِاسْتِبْدَالُ إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ، أَمَّا بِالْمُعَيَّنِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالْفَسْخِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ لَهُ طَلَبَ بَدَلِهِ إذَا عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ، وَأَمَّا رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى م ر فَحَاوَلَ عِبَارَةَ الْعُبَابِ عَلَى أَنَّ الْبَدَلَ فِي الْمُعَيَّنِ طَلَبُ الْأَرْشِ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر اهـ.
هَذَا الْحَمْلُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ إذَا طَلَبَ الْأَرْشَ وَوَافَقَهُ جَازَ أَخْذُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ رَدَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: قَالَ وَالصَّوَابُ) أَيْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا اعْتِبَارُ مَا ظَهَرَ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ مِثْلُ الرَّدِيءِ وَقِيمَةِ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) مِنْ كَلَامِ م ر ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا ظَهَرَ مِنْ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ، وَاسْتَوْجَهَهُ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْمُعَيَّنِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ.
وَعِبَارَتُهُ: الْمُعْتَمَدُ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ دُونَ الرَّدِيءِ، فَالْوَاجِبُ مِثْلُهُ جَيِّدًا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَيْضًا، وَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الرَّدَاءَةُ أَقْوَى مِنْهُ لِأَنَّهَا وَصْفٌ لَازِمٌ، بِخِلَافِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَطْرَأُ وَيَزُولُ اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ: هَذَا وَالْأَوْجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبُولُ الرَّدِيءِ وَيَجِبُ قَبُولُ قِيمَةِ الْمَعِيبِ وَهَذَا الْأَوْجَهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَلَوْ خَرَجَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ إلَخْ) هُوَ مُشْكِلٌ إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ الثَّمَنَ مُعَيَّنٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ فَإِنَّ الْقِيَاسَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَا رَدِّ الْمُعَيَّنِ وَطَلَبِ بَدَلِهِ.
قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: إلَّا أَنْ يُرَادَ بِطَلَبِ بَدَلِهِ طَلَبُ قِيمَةِ الشِّقْصِ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ فَيَبْذُلُ لِلْمُشْتَرِي الْمَعِيبَ دُونَ الرَّدِيءِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمُسَامَحَتُهُ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْحَطِّ وَقَبُولِ الرَّدِيءِ أَوْ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّمَنِ) أَيْ: إذَا حُطَّ أَوْ بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ: فَسَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ إلَى الشَّفِيعِ) أَيْ: بِخِلَافِ الرَّدِيءِ، وَالْمَعِيبِ فَلَا يَسْرِي فَلَا يُعْطِيهِ إلَّا الْجَيِّدَ سَوَاءٌ مَا قَبْلَ اللُّزُومِ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ ثَبَتَ بِالْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَمَا بَعْدَهُ بِالْأَوْلَى، وَهَذَا الْفَرْقُ يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ) أَيْ: فَيَدْفَعُ مِثْلَ الْمَعِيبِ بِخِلَافِ الرَّدِيءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ إذْ ضَرَرُ الرَّدَاءَةِ أَكْثَرُ: أَيْ: عَلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ مَا ذُكِرَ فِي الْمَعِيبِ يُجْرَى