إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ فَكَيْفَ يُلَائِمُ هَذَا مَا قَالُوهُ قُلْنَا لَيْسَ فِي هَذَا مَا يُنَاقِضُ مَا قَالُوهُ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا نَفْيُ الْكُسُوفِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَحَيَاتِهِ وَالْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَالشَّرْعُ الَّذِي يَأْمُرُ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ وَالطُّلُوعِ مِنْ أَيْنَ يَبْعُدُ مِنْهُ أَنْ يَأْمُرَ عِنْدَ الْخُسُوفِ بِهِمَا اسْتِحْبَابًا فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رُوِيَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَلَكِنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ خَشَعَ لَهُ فَيَدُلُّ أَنَّ الْكُسُوفَ خُشُوعٌ بِسَبَبِ التَّجَلِّي قُلْنَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يَصِحَّ نَقْلُهَا فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهَا وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَكَانَ تَأْوِيلُهُ أَهْوَنَ مِنْ مُكَابَرَةِ أُمُورٍ قَطْعِيَّةٍ فَكَمْ مِنْ ظَوَاهِرَ أُوِّلَتْ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي لَا تَنْتَهِي فِي الْوُضُوحِ إِلَى هَذَا الْحَدِّ وَأَعْظَمُ مَا يَفْرَحُ بِهِ الْمُلْحِدُ أَنْ يُصَرِّحَ نَاصِرُ الشَّرْعِ بِأَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ عَلَى خِلَافِ الشَّرْعِ فَيَسْهُلُ عَلَيْهِ طَرِيقُ إِبْطَالِ الشَّرْعِ قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّ إِنْكَارَ حَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ فِي النَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَكِنَّ تَأْوِيلَهُ ظَاهِرٌ فَأَيُّ بُعْدٍ فِي أَنَّ الْعَالِمَ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَمُقَدِّرَ الْكَائِنَاتِ سُبْحَانَهُ يُقَدِّرُ فِي أَزَلِ الْآزَالِ خُسُوفَهُمَا بِتَوَسُّطِ الْأَرْضِ بَيْنَ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ وَوُقُوفِ جِرْمِ الْقَمَرِ بَيْنَ النَّاظِرِ وَالشَّمْسِ وَيَكُونُ ذَلِكَ وَقْتَ تَجَلِّيهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِمَا فَالتَّجَلِّي سَبَبٌ لِكُسُوفِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute