يُعَبَّرَ بِالصَّبْرِ عَنِ الصَّوْمِ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ فَإِنْ تَنَزَّلْنَا عَلَى ذَلِكَ فَيُقَالُ فِي كَوْنِ الصَّبْرِ ضِيَاءً كَمَا قِيلَ فِي كَوْنِ الصَّلَاةِ نُورًا وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ بَيْنَ النُّورِ وَالضِّيَاءِ فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ بَلْ لَفْظِيٌّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إِنَّ الصَّبْرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ الصَّوْمِ بَلْ هُوَ الصَّبْرُ عَلَى الْعِبَادَاتِ وَالْمَشَاقِّ وَالْمَصَائِبِ وَالصَّبْرُ عَنِ الْمُخَالَفَاتِ وَالْمَنْهِيَّاتِ كَاتِّبَاعِ هَوَى النَّفْسِ وَالشَّهَوَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَمَنْ كَانَ صَابِرًا عَلَى تِلْكَ الْأَحْوَالِ مُتَثَبِّتًا فِيهَا مُقَابِلًا لِكُلِّ حَالٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ ضَاءَتْ لَهُ عَوَاقِبُ أَحْوَالِهِ وَصَحَّتْ لَهُ مَصَالِحُ أَعْمَالِهِ فَظَفِرَ بِمَطْلُوبِهِ وَحَصَّلَ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى مَرْغُوبِهِ كَمَا قِيلَ وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي أَمْرٍ يُحَاوِلُهُ وَاسْتَعْمَلَ الصَّبْرَ إِلَّا فَازَ بِالظَّفَرِ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ تَنْتَفِعُ بِهِ إِنْ تَلَوْتَهُ وَعَمِلْتَ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْكَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَعْنِي أَنَّكَ إِذَا امْتَثَلْتَ أَوَامِرَهُ وَاجْتَنَبْتَ نَوَاهِيَهُ كَانَ حُجَّةً لَكَ فِي الْمَوَاقِفِ الَّتِي تسئل مِنْهُ عَنْهُ كَمُسَاءَلَةِ الْمَلَكَيْنِ فِي الْقَبْرِ وَالْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ الْمِيزَانِ وَفِي عِقَابِ الصِّرَاطِ وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ ذَلِكَ احْتُجَّ بِهِ عَلَيْكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الَّذِي يُنْتَهَى إِلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَبَاحِثِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْوَقَائِعِ الْحُكْمِيَّةِ فَبِهِ تَسْتَدِلُّ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاكَ وَبِهِ يسْتَدلّ عَلَيْك خصمك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute