للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثالث: أن تكون قد وقع فعل وهذا يمكن - بعضهم لا يذكره - أن يكون وقع فعلٌ يحتاج إلى معرفة حكمه، وهذا يمكن أن يدرج في السؤال أو في الحاجة، لكن فصله بعضهم والأكثر على أن السبب إما أن يكون سؤالاً أو حادثة تحتاج إلى بيان ولذلك ذكره في الحد هنا قال: وما نزلت الآية - أو الآيات - متحدثةً عنه أو مبينة لحكمه. قال: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: ١]. هذه نزلت في خولة بنت ثعلبة لما ظاهر منها أوس بن الصامت زوجها فنزلت هذه الآيات فنقول: هذه وقعت في الأصل أنها مبينة لحكم حادثة ويمكن أن يكون هذا الحادث سؤال لكنه ليس من جهة المقام وإنما من جهة يعني: يكون سؤالاً بلسان المقام أو بلسان الحال ولذلك أدرج بعضهم هذه الآية في السؤال هي لم تسأل وإنما جاءت تشتكي للنبي - صلى الله عليه وسلم - حال زوجها وهذا يتضمن ماذا؟

يتضمن سؤالاً، فحينئذٍ السؤال قد يكون بالمقال ويمثل له {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ} [البقرة: ١٨٩] وقد يكون بالحال ويمثل له بـ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: ١].

قال بعضهم: أن هذا العلم لا طائل تحته لجريانه مجرى التأريخ لا فائدة منه لأنه يبين لك حادثة وقعت فنزل قول الرب جل وعلا إذًا كأنه حالة أو قصة من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجريت مُجْرَى التاريخ فلا ينبني حينئذٍ عليها بعض الأحكام الشرعية من تحليل أو تحريم أو تخصيص أو تعميم ... إلى آخره. فنقول: هذا الكلام خطأ وليس بصواب يعني: قوله وهذا قيل به قديمًا وحديثًا بأن البحث في أسباب النزول هذا لا طائل تحته وإنما هو من ضياع الأوقات، أو يُجعل في ضمن ما يتحدث عنه التاريخ بأقسامه حينئذٍ يكون من قبيل التاريخ، نقول: أيضًا التاريخ خاصة إذا كانت من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن تخلو عن الفائدة. كيف يقال: هب أننا سلمنا أنه لا طائل تحته من جهة الأحكام الشرعية لكن كيف يقال: أسباب النزول وضعت من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - أليست سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - محلاً للاقتداء والتأسي والبحث والنظر والاستنباط في حال الدعوة مع المشركين مع المؤمنين إلى آخره التعامل مع أهل الكتاب إلى آخره هذا لا طائل تحته؟

نقول: لا هذا الكلام في غاية السقوط ولذلك نقول: فوائد هذا العلم يمكن أن تجمل في بعض الأمور.

أولاً: في الوقوف على معرفة سبب النزول معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم. إذا ذكر سبب النزول عرفنا ما هي الحكمة من تشريع هذا الحكم لأن بعض الأحكام الشرعية في الآيات قد يجهل الناظر فيها أو يستبعد الناظر فيها وجه الحكمة من هذا الأمر أو هذا النهي فإذا وقف على سبب النزول حينئذٍ زال العجب ولذلك يقول العرب ماذا؟

إذا عُرِف السبب بطل العجب. أو زال العجب، هذا صحيح لأن الشيء الذي لا يعرف سببه تتعجب النفس منه وهذا مثل عربي صحيح قح حينئذٍ الشيء المجهول الذي لا يعرف سببه الإنسان يتعجب قد يسمع كلمة للعالم ولا يعرف ما سببها يتعجب كيف يقول هذا الكلام؟

فإذا وقف على السبب حينئذٍ زال أو بطل العجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>