للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْ قَبْلِ: يعني ومِن قبل ذلك، حَذف المضاف إليه ونَوى ثبوت لفظه، فحينئذٍ جُرّ بمن، دخلت عليه مِن، فجُرّ فهو اسم مجرور بالكسرة، هذا الظاهر، حينئذٍ هل هي معربة أو مبنية؟ نقول: مُعربة، ودخلت عليها مِن وهذه الكسرة كسرة إعراب، لماذا لم يُنوّن؟ لأنه نُوِي ثبوتُ لفظِ المضاف إليه، وإذا نُوِي ثبوتُ اللفظ .. عين اللفظ المحذوف فهو كالموجود، وإذا كان موجوداً حينئذٍ لا يجتمع مع تنوين المضاف، وهذا واضح.

وتبقى في هذه الحالة كالمضاف لفظاً فلا تُنوّن إلا إذا حُذِف ما تُضاف إليه، ولم ينوَ لفظه ولا معناه، فلا تُنَوّن إلا إذا حُذِف ما تضاف إليه، يعني: قُطِعت عن الإضافة بالكلية لا لفظاً ولا معنى، ولم ينوَ لفظه ولا معناه، حينئذٍ تكون نكرة، ومنه قراءة من قرأ: (لله الأمر من قبلٍ ومن بعدٍ) كما قُرِأ في الأولى: (لله الأمر من قبلِ ومن بعدِ) ((مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)) [الروم:٤] فيه ثلاث قراءات، السبعة على الضم ((لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)) هذا الشاهد على أنها مبنية، وذلك إذا حُذِف المضاف إليه ونُوِي معناه (لله الأمر من قبلِ ومن بعدِ) بالكسر، حينئذٍ نقول: حُذِف المضاف إليه ونُوِي ثبوت لفظه، ولم ينون مُراعاة للمضاف، فهو كالموجود (من قبلٍ ومن بعدٍ) صارت اسماً نكرة، قُطِعت عن الإضافة بالكلية، (لله الأمر من قبلٍ ومن بعدٍ) بجرِّ (قبل) و (بعد) وتنوينهما كقوله:

فَسَاغَ لِيَ الشَّرَابُ وَكُنْتُ قَبْلاً ... أَكَادُ أَغَصُّ بِالماءِ الفُرَاتِ

وَكُنْتُ قَبْلاً: قَبْلاً هذا خبر كُنْتُ، منصوب، والتاء هذه اسم كان، هل هذا صحيح، قبلاً خبر كنت؟

قلنا: وأعربوا نصباً نقيّده بماذا؟ منصوب على الظرفية، إذن ما يأتي وأعربوا نصباً، ليسَ مُطلقاً حتى نقول: خبر كان، لو قلنا: مُطلقاً الذي أوردناه على الناظم صحَّ أن نقول: قبل هذا خبرُ كان، ليسَ الأمر كذلك، بل (وَأَعْرَبُوا نَصْباً) متى؟ إذا: إِذَا مَا نُكِّرَا قَبْلاً. إذن نصباً على الظرفية، فإذا جاءت قبل ((كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ)) [الحج:٤٢] بالإضافة منصوب، منصوب على الظرفية، لو قُطِعت عن الإضافة " قَبْلاً" كذلك منصوب على الظرفية، إذن لا تُنصَب إلا على الظرفية فحسب، إذا مرَّ بك (قبلَ) بالفتحة حينئذٍ اعلم أنها منصوبة على الظرفية، سواء حُذِف المضاف إليه مُطلقاً ولم ينوَ لا لفظه ولا معناه، مثل البيت: وَكُنْتُ قَبْلاً، أو حُذِف المضاف إليه ونُوِي ثبوت لفظه، لو قال: وكنتُ قبلَ بالنصب، حينئذٍ نقول: حُذِف المضاف إليه ونُوِي ثبوتُ لفظه، ولذلك بقيت الفتحة على ظاهرها دون تنوين، كذلك (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) فيما إذا ذُكِر المضاف إليه. على كلٍّ لا نصب لـ (قبل وبعد) إلا على الظرفية، كلّما رأيتَها منصوبة فاعلم أنها على الظرفية.

وَأَعْرَبُوا نَصْباً: هذا مطلقٌ لا بدّ من تقييده.

هذه هي الأحوال الثلاثة التي تُعرَب فيها.

ولذلك كذلك (فَمَا شَرِبُوا بَعْدًا عَلَى لَذَّةٍ خَمْرَا ... ) نقول: كذلك منصوب على الظرفية.

(لَعْناً يُشَنُّ عَلَيْهِ مِنْ قُدَّامُ ... )، هذا بالضم، الرواية بالضم والأصل من قدامه وحُذِف المضاف إليه ونُوِي معناه.