للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أن يكون المضافُ مُفرداً لا جملة، وهذا لم ينصَّ عليه الناظم؛ أن يكون المضافُ مُفرداً لا جملة، إذ لا يمكن أن يُستدَل على المحذوف وهو جملة، إذ لا تقومُ مقامَ المضاف؛ لأنه لو كان المضاف إليه جملة وحذفنا المضاف لا يصحّ أن نقول: أُقيم المضاف إليه مقامَ المضاف، فيأخذ حكمه؛ لأن الحكم هو الإعراب، والإعراب لا يكون في الجمل، وإنما يكون في المفردات هذا الأصل، فحينئذٍ لما امتنعَ أن تُقام الجملة مقامَ المضاف بعد حذفِهِ نقول: لا يجوزُ حذفُ المضاف إذا كان المضاف إليه جملة بخلاف ما أطلقَه الناظم هنا.

إذن: وَمَا يَلِي: يعني والذي، (ما) هذا اسم موصول بمعنى الذي مُبتدأ، والذي يلي المضاف وهو المضاف إليه، (يَأْتِي) هذه الجملة خبر، يَأْتِي فعل وفاعل، (خَلَفَاً) هذا حال من الضمير في يأتي، (عَنْهُ) عن المضاف، في ماذا؟ (في الاِعْرَابِ) بتسهيلِ الهمزة؛ لأنه مَصدر أعربَ يُعرِب إعراباً، همزتُها همزة قطع، هنا وصلت من أجل الوزن، في الاِعْرَابِ فقط لا في غيره أم المراد هنا أن الحكم منصبٌّ على الإعراب؟ الثاني، وإنما يتكلّم البيانيون في الأغراض التي يمكن أن يُحذَف المضاف ويُقام المضاف إليه مقامه في إفادته، وسبقَ شيءٌ من ذلك وهو التأنيث ونحوه.

(عَنْهُ في الاِعْرَابِ) هذا مُتعلّق بقوله: يَأْتِي، أو بقوله خَلَفَاً.

غالباً نقيّده؛ لأنه سيأتي في البيت الذي يليه.

(إِذَا مَا حُذِفَا) يعني إذا حُذِف، (ما) هذه زائدة، والألف للإطلاق، وحُذِف هذا فعل ماضي، والفاعل ضمير مستتر يعودُ على المضاف.

إذن يحذف المضاف ويُقام المضاف إليه مقامَه فيأتي خلفه في الإعراب، بشرط أن تكون ثَمَّ قرينة وأن لا يكون المضاف إليه جملة.

وَمَا يَلِي الْمُضَافَ يَأْتِي خَلَفَا ... عَنْهُ في الاِعْرَابِ إِذَا مَا حُذِفَا

أي المضاف، لقيام قرينة تدلُّ عليه، نحو ((وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ)) [يوسف:٨٢] أكثر هذا مجازاً عندهم، (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) قالوا: القرية اسمٌ لأهلها .. لأُناس، وهو الأصل فيها أنها تُستعمَل مُراداً بها البنيان، وتُستعمَل ويُراد بها مَن يسكنُ البنيان، لها استعمالان في لسان العرب، حينئذٍ إذا استعملتَ القرية مُراداً بها أهلها، ((وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ)) نقول: القرية لا تُسأل هذا الأصل فيها، قالوا: هنا على تقدير مضاف، على كلٍّ:

وَالشَّأنُ لاَ يُعتَرَضُ المثَالُ ... إِذ قَد كَفَى الفَرضُ والاِحتِمَالُ

((وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ)) قالوا: أي اسأل أهل القرية، حذف المضاف الذي هو أهل، وأُقيم المضاف إليه مقامَه فانتصب انتصابه، يعني أخذَ حكمَه اسأل أهلَ .. أهلَ هذا مفعول به منصوب، والقريةِ هذا مجرور، لمَّا حذفتَ المضاف وهو منصوب وأقمتَ المجرور مقامَه صارَ المجرور منصوباً، هذا مراده بقوله: (يَأْتِي خَلَفَاً عَنْهُ في الاِعْرَابِ)، فإذا كان المضاف إليه دائماً مجروراً والمضاف على حسب مواقعه في الإعراب حينئذٍ أخذَ حكمه، إن كان الرفع فالرفع للمضاف إليه، وإن كان النصب فالنصب، وإن كان الجر فالجر، وهذا مُراده بقوله: (يَأْتِي خَلَفَاً عَنْهُ في الاِعْرَابِ).