للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَحَذْفُ ذِيْ الفَا) .. (وَحَذْفُ) مبتدأ وهو مضاف، و (ذِيْ) اسم إشارة، و (الفَا) نعت، أو بدل، أو عطف بيان، لأنَّ (ذِيْ) اسم إشارة، واسم الإشارة إذا نعت حِينئذٍ ما بعده لا بُدَّ أن يكون مُحلاً بـ: (أل) فحِينئذٍ يجوز أنْ يُعرب بدلاً، أو عطف بيان، أو نعتاً.

(وَحَذْفُ ذِيْ الْفَا قَلَّ) قليل .. قَلَّ هو، أي: الحذف قليل، متى؟ (فِيْ نَثْرٍ) هذا مُتعلِّق بقوله: (قَلَّ) .. (قَلَّ) هذا فعل ماضي، والفاعل ضمير مستتر يعود على الحذف، ولذلك صَحَّ أنْ يُجعل (قَلَّ) خبراً عن المبتدأ لوجود الرَّابط بين المبتدأ والخبر.

إذاً: (وَحَذْفُ ذِيْ الفَا قَلَّ) لأنَّه قال في السَّابق: (وُجُوباً أُلِفَا) ألف وجوباً، إذاً: اتِّصَال الفاء بجواب (أمَّا) واجبٌ.

قال: (وَحَذْفُ ذِيْ الفَا قَلَّ فِيْ نَثْرٍ) وفُهِم منه أنَّه يكثر في النَّظم، وأمَّا في النَّثر فهو قليل، لكن هل هو مُطلقاً أم مُقيَّد؟ لأنَّه قال: (وُجُوبَاً) إذاً: لا بُدَّ أن نُقيِّد الحذف هنا بضابط مُعيَّن حتى لا يفسد علينا الحكم السَّابق: أنَّه واجب، لأنَّه إذا جاز حذفها كيف نقول: هو واجب؟ عند الأصوليين إذا عُلِّق الأمر بالمشيئة صار مصروفاً، لا يُقال بأنَّه .. هذا يجب عليك أن تصلي ركعتين إن شئت، يصح؟ ما يصح، لأنك إذا جوَّزت التَّرك نفيت الإيجاب، لأنَّ الواجب معناه مُتحتِّم لا يجوز تركه، فإذا قلت: إن شئت، يعني: لك تركه.

هنا قال: (وُجُوباً) إذاً: لا يمكن أن ينفك عنها الجواب، هنا قال: (وَحَذْفُ ذِيْ الفَا قَلَّ فِيْ نَثْرٍ) لكنَّه قيَّده:

. . . . . . . . . . . . . . ... إِذَا ... لَمْ يَكُ قَوْلٌ مَعَهَا قَدْ نُبِذَا

قد طُرِح يعني، الألف هذه للإطلاق.

إذاً: يجوز حذف الفاء إذا كان مدخولها القول فهو كثير، حِينئذٍ قوله: (وُجُوباً أُلِفَا) يكون هذا مُقيَّداً بما إذا لم يكن مدخول الفاء القول، وكذلك حِينئذٍ يُوجَّه بكون الفاء قد حذفت، والشيء إذا حذف مع نيته وجوداً كأنَّه غير محذوف، فصار الوجوب محفوظ .. السَّابق، إذاً: الوجوب محفوظ.

ويستثنى جواز الحذف في اللفظ مع التقدير إذا دخلت الفاء على القول، ولذلك قال:

. . . . . . . . . . . . . . ... إِذَا ... لَمْ يَكُ قَوْلٌ مَعَهَا قَدْ نُبِذَا

أي: لا تحذف هذه الفاء إلا إذا دخلت على قولٍ قد طُرِح استغناءً عنه بالمقول، فيجب حذفها معه، ولا تحذف في غير ذلك إلا في ضرورة.

إذاً: (وَحَذْفُ ذِيْ الفَاءِ) قصره للضرورة، قلنا: الفَاءِ هذا نعت لـ: (ذِيْ)، (قَلَّ) هذه الجملة خبر، (فِيْ نَثْرٍ) هذا تقييد، مفهومه: أنَّه في غير النَّثر ليس بقليل بل هو كثير، لكن قال: (إِذَا) هذا مُتعلِّق بقوله: (قَلَّ) قَلَّ إذا (إِذَا لَمْ يَكُ) حذفت النون هنا للتَّخفيف، يكن أصلها، دخل عليها الجازم وحذفت الضَّمَّة، ثُم حُذِفت النون تَخفيفاً:

وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ ... تُحْذَفُ نُونٌ. . . . . . . . . .

(يَكُ قَوْلٌ) اسم (يَكُ)، (مَعَهَا) هذا مُتعلِّق بقوله: (نُبِذَا)، (قَدْ) هذا للتَّحقيق، و (نُبِذَا) هذا فعل ماضي مُغيَّر الصِّيغة، يعني: طُرِح.