للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بقي أنَّ (لَوْلاَ) قد تدخل على المبتدأ، لكن قد يكون المبتدأ مؤوَّلاً ليس صريحاً، كقوله: ((لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا)) [القصص:٨٢] (أَنْ مَنَّ اللَّهُ) هنا نقول: دخلت على مؤوَّل، وسبق أن المبتدأ قد يكون اسماً صريحاً وقد يكون مؤوَّلاً بالصَّريح.

إذاً: قوله (يَلْزَمَانِ الاِبْتِدَا) عام يشمل الصَّرح وغير الصَّريح: ((لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا)) [القصص:٨٢] لولا مِنَّة الله علينا، (منَّة) نقول: هذا مبتدأ.

كذلك قد يكون ضميراً بارزاً: ((لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)) [سبأ:٣١] وسبق الخلاف في: (لولاه) و (لولاك) في باب حروف الجر، وهي (لَوْلاَ) نفسها هذه التي معنا.

إذاً: قد يكون المبتدأ صريحاً، وقد يكون ضميراً بارزاً، وقد يكون مؤوَّلاً بالصَّريح، وهل يكون ضميراً مُتَّصلاً كاف أو هاء؟ سبق بيانه في موضعه.

وَبِهِمَا التَّحْضِيضَ مِزْ وَهَلاَّ ... أَلاَّ أَلاَ وَأَوْلِيَنْهَا الْفِعْلاَ

(التَّحْضِيضَ مِزْ) مِزْ التحضيض بهما، هذا القسم الثاني: وهو أنْ يدلَّا على التحضيض، وسبق معنى التحضيض .. تحضيض (تفعيل) مبالغةٌ من الحضِّ، يُقال: حَضَّه على كذا، أي: رَغَّبَه في فعله، فإذا أريد تأكيد الترغيب والمبالغة فيه قيل: حضَّضَه، والعَرْض كالتَّحضيض، إلا أنَّ العَرْض: طلبٌ بلين ورفق، والتَّحضيض: طلب بِحثٍ.

إذاً: مِزْ التَّحضيض بهما، (مِزْ) يعني: ميِّزْ، هذا الاستعمال الثاني: أن يدلا على التحضيض، يَختصَّان حِينئذٍ بالجملة الفعليَّة، وذكر معهما: (هَلاَّ) و (أَلاَّ) و (أَلاَ) هذه أدوات التحضيض، ذكر خمسة: (لَوْلاَ) و (لَوْمَا) و (هَلاَّ) و (أَلاَّ) بالتَّشدِيد، و (أَلاَ) بالتَّخفيف خمسة، والمشهور أنَّ حروف التحضيض أربعة بإسقاط: (أَلاَ) هذا المشهور عند النحاة: (لَوْلاَ) و (لَوْمَا) و (هَلاَّ) و (أَلاَّ)، هذا المشهور عند النحاة، ولهذا لم يذكر في (التَّسهيل) و (الكافيَّة) سواهن .. الأربعة.

وأمَّا (أَلاَ) بالتَّخفيف فهي حرف عَرْضٍ، فذكرها هنا مع حروف التَّحضيض يحتمل أحد أمرين: إمَّا أن يريد ابن مالك هنا بذكر: (أَلاَ) مع حروف التَّحضيض، يريد أنَّها قد تأتي للتَّحضيض، إذاً: المشهور أربعة، وبِقلَّة (أَلاَ) التي هي الأصل في العَرْض، ولا شك أنَّ ثَمَّ مشابهة بين التَّحضيض والعَرْض، لكن أصل استعمال (أَلاَ) بالتَّخفيف في العَرْض.

حِينئذٍ يَحتمل أنَّ ابن مالك يرى أنَّ (أَلاَ) قد تأتي للتحضيض فلذلك ذكرها في هذا الموضع، ويَحتمل أنْ يكون قد ذكرها هنا لمشاركتها للأربع في الاختصاص بالفعل، إذاً: لَمَّا ذكر (لَوْلاَ) و (لَوْمَا) و (هَلاَّ) و (أَلاَّ) في كونها مُختصَّة بالفعل ناسب أن يذكر (أَلاَ) التي هي للعرض لكونها مُختصَّة بالفعل، وهذا الثاني هو أظهر: أن أدوات التَّحضيض أربعة لا خمسة، وأنَّ (أَلاَ) هذه حرف عَرْضٍ لا حرف تحضيض.

لماذا ذكرها هنا؟ لأنَّ هذه الخمسة لا تدخل إلا على الفعل .. الجملة الفعليَّة: ألاَ زيدٌ قائمٌ، ما يَصِح هذا في العَرْض، وإنَّما: ألا تنزل عندنا؟ تدخل على الجملة.