وغيره فأما غير النوم، وهو الجنون والإغماء والسكر وما أشبهه من الأدوية المزيلة للعقل، فينقض الوضوء يسيره وكثيره إجماعا، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب الوضوء على المغمى عليه؛ ولأن هؤلاء حسهم أبعد من حس النائم، بدليل أنهم لا ينتبهون بالانتباه، ففي إيجاب الوضوء على النائم تنبيه على وجوبه بما هو آكد منه).
وقد اختلف العلماء في النوم هب هو ناقض أم لا على ثمانية أقوال، والخلاف فيها مشهور والنقاش فيها يطول، وأقوى الأقوال وأحوطها أن النوم ناقض مطلقا لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ولكن من غائط وبول ونوم). وقوله:(العين وِكَاءُ السَّه، فمن نام فليتوضأ).
[فائدة: النوم الناقض هو المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك على أي هيئة كان النوم، أما النوم اليسير فإنه لا ينقض الوضوء.]
قال الخطابي في "غريب الحديث": (حقيقة النوم هو الغَشْيَةُ الثَّقِيلَةُ التي تَهْجِم عَلَى القلب فتَقْطَعه عن معرفة الأمور الظاهرة والناعِسُ هُوَ الَّذِي رَهِقه ثِقلٌ قطعه عن معرفة الأحوال الباطنة).
وقال اين حجر في "الفتح"(١/ ٣١٣): (ظاهر كلامه أن النعاس يسمى نوما والمشهور التفرقة بينهما وأن من قرت حواسه بحيث يسمع كلام جليسه ولا يفهم معناه فهو ناعس وإن زاد على ذلك فهو نائم ومن علامات النوم الرؤيا طالت أو قصرت وفي العين والمحكم النعاس النوم وقيل مقاربته).
وعلى ذلك يحمل الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا نعس أحدكم يوم الجمعة فليتحول من مجلسه ذلك»، وقد أعله البعض بالوقف، وله حكم الرفع، وما رواه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في وصف صلاته بالليل مع النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قوله:(فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني).