واستدلوا لطهارة عينها بأن المذكورات معها في الآية من مال ميسر، ومال قمار، وأنصاب، وأزلام ليست نجسة العين، وإن كانت محرمة الاستعمال. وأجيب من جهة الجمهور بأن قوله:(رِجْسٌ)، يقتضي نجاسة العين في الكل، فما أخرجه إجماع، أو نص خرج بذلك، وما لم يخرجه نص ولا إجماع لزم الحكم بنجاسته؛ لأن خروج بعض ما تناوله العام بمخصص من المخصصات، لا يسقط الاحتجاج به في الباقي، كما هو مقرر في الأصول ... واعلم أن ما استدل به سعيد بن الحداد القروي على طهارة عين الخمر بأن الصحابة أراقوها في طرق المدينة؛ ولو كانت نجسة لما فعلوا ذلك؛ ولنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، كما نهاهم عن التخلي في الطرق، لا دليل له فيه، فإنها لا تعم الطرق، بل يمكن التحرز منها؛ لأن المدينة كانت واسعة، ولم تكن الخمر كثيرة جدا بحيث تكون نهرا أو سيلا في الطرق يعمها كلها، وإنما أريقت في مواضع يسيرة يمكن التحرز منها، قاله القرطبي، وهو ظاهر).
[مسألة - الحشيشة نجسة.]
الحشيش هو نوع من ورق نبات الْقِنَّب الهندي.
وقد تكلم الماتن بعد قليل عن المسكر غير المائع، فأرى أنه حتى يجتمع هذه المسألة أن أتكلم عن هاتين المسألتين معا في هذا الموضع.
[مسألة - المسكر غير المائع طاهر.]
مثل لهذا النوع ابن أبي تغلب في "نيل المآرب" بجوزة الطيب.
تحرير قول الماتن:
لعل الجمع بين المسألتين حتى لا يكن بينهما تعارض أنه - رحمه الله - يختار أن الحشيشة المائعة نجسة دون الجامدة، وهذا هو ظاهر عبارته الأولى، إلا أن الماتن لما كان يختار الروايات الصحيحة في المذهب فلازمه أنه يرى أن الحشيشة المسكرة نجسة وإن كانت جامدة دون غيرها من باقي المسكرات غير المائعة وسوف يأتي عرض الفروق بينهما قريبا بإذن الله - تعالى -.