إذا قامت به البينة ... ولنا ما روي عن علي - رضي الله عنه -، أن امرأة جاءته، وقد طلقها زوجها، فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض، طهرت عند كل قرء وصلت، فقال علي لشريح: قل فيها. فقال شريح: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته، فشهدت بذلك، وإلا فهي كاذبة. فقال علي:" قالون. وهذا بالرومية. ومعناه: جيد. وهذا لا يقوله إلا توقيفا؛ ولأنه قول صحابي، انتشر، ولم نعلم خلافه، رواه الإمام أحمد بإسناده، ولا يجيء إلا على قولنا أقله ثلاثة عشر، وأقل الحيض يوم وليلة).
والجواب عن ذلك بأن يقال:
١ - أن الأثر ضعيف فهو منقطع بين الشعبي وعلي رضي الله عنه.
٢ - كما أن انقضاء العدة في الشهر الواحد يتوقف على تفسير القرء بأنه الحيض لا الطهر وهو الصحيح في المذهب، وعلى أنها طلقت في طهر وحاضت في اليوم التالي حتى يصير المجموع شهرا. أما إن طلقت في حيض وطهرت منه في اليوم التالي فسوف تطول العدة إلى ثلاثة وأربعين يوما؛ لأن الحيض لا يتبعض فلا يعتد بالحيضة التي طلقت فيها بل تعتد بعدها بثلاث حيض كوامل.
٣ - كما أنه لا يتعين أن يكون أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما وأقل الحيض يوما وليلة لتنقضي عدتها في شهر فقد نقل ابن رجب في الفتح تفسيرا آخر لها فقال (٢/ ١٤٨): (وقال حرب الكرماني: ثنا إسحاق: ثنا أبي، قالَ: سألت ابن المبارك فقالَ: أرأيت قول سفيان: تصدق المرأة في انقضاء عدتها في شهر، كيف هَذا؟ وما معناه؟ فقالَ: جعل ثلاثاً حيضاً، وعشراً طهراً، وثلاثاً حيضاً، كذا قال).
٤ - قال الدبيان في "موسوعته" (٦/ ١٩١): (من أين لكم من الأثر أنها لو ادعت أقل من شهر أنه لن يسمع دعواها، ولن يطلب منها بينه، فهذا لا سبيل إليه من الأثر).
الترجيح:
والراجح ما ذهب إليه تقي الدين وهو قول في المذهب من أنه لا حد لأقل الطهر كما أنه لا حد لأكثره.
قال تقي الدين في "مجموع الفتاوى" (١٩/ ٢٣٨): (الطهر بين الحيضتين لا حد