الأشياء مما ينكسر بها قلوب الفقراء لم يحرمها الشارع بل هي مباحة - ما لم يكن فيها إسراف -، وعليه فهذه العلة لا يناط بها حكم التحريم.
الترجيح:
والراجح أن العلة مركبة من كل ما سبق، والعلة تعمم معلولها وعليه فالنهي لا يخص الأكل والشرب فقط بل كل وجوه الاستعمال ولا يخرج عن ذلك إلا ما دلّ عليه الدليل كجواز التحلي بالذهب والفضة للنساء.
مسألة - لا يباح اتخاذ ولا استعمال الآنية المموهة بالذهب أو الفضة.
والقول بعدم جواز اتخاذ واستعمال هذه الآنية المموهة والمطلية - ونحو ذلك - بالذهب أو الفضة هو الأصح في المذهب وهو القول الراجح؛ لعموم الأدلة السابق ذكرها، ولتحقق علل التحريم في هذه الحالة، بالإضافة إلى أنه لا يوجد حاجة للتمويه والطلاء، بل هو من باب السرف والتزين.
ـ[وتصبح الطهارة بهما وبالإناء المغصوب .. ]ـ
[مسألة - تصح الطهارة بآنية الذهب والفضة وبالإناء المغصوب.]
وقوله:(بها) أي بأن يغترف بها الماء ويصبه على أعضاء وضوئه. وكما أنه يصح بها فيصح (منها) بأن يغترف منها بيده، و (فيها) كما لو غصب حوضا يسع قلتين فأكثر، فملأه ماء مباحا وانغمس فيه بنية رفع الحدث، فيرتفع حدثه؛ لأن الإناء ليس شرطا، و (إليها) بأن يجعله مصبا لماء الوضوء والغسل، كالطَّشْت؛ لأن الماء يقع فيه بعد أن رفع الحدث.
وقد رجح ابن قدامة في "المغنى"(١/ ٥٦) قول الأكثرين بصحة الطهارة منها فقال: (يفارق هذا الصلاة في الدار المغصوبة؛ لأن أفعال الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود، في الدار المغصوبة؛ محرم؛ لكونه تصرفا في ملك غيره بغير إذنه، وشغلا له، وأفعال الوضوء؛ من الغسل، والمسح، ليس بمحرم، إذ ليس هو استعمالا للإناء، ولا تصرفا فيه، وإنما يقع ذلك بعد رفع الماء من الإناء، وفصله عنه، فأشبه ما لو غرف بآنية الفضة في إناء غيره، ثم توضأ به؛ ولأن المكان شرط للصلاة، إذ لا يمكن وجودها في غير مكان، والإناء ليس بشرط، فأشبه ما لو صلى وفي يده خاتم ذهب).