للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني - أطلق الماتن القول بالكراهة بالنسبة للمكان، والقول الصحيح في المذهب أن هذا مقيد بالفضاء لا البنيان، قال المرداوي في "الإنصاف" (١/ ١٠٢): (يكره استقبالها في فضاء باستنجاء واستجمار على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب، وقيل: لا يكره. ذكره في الرعاية. قلت: ويتوجه التحريم) والإطلاق الذي في كلام الماتن أولى فالتفريق بين الفضاء والبناء غير سديد ويعطل الأحاديث ويجعلها خاصة بالمشاهد المباشر فقط، وذلك لأن من يقضي حاجته أو يستنجي في الفضاء يكون غير مستقبل للقبلة حقيقة لوجود تلال وجبال وبينان بينه وبين القبلة كما أن النبي صلى الله عليه وسلم غصب وأنكر على من تفل في مسجده تجاه القبلة وهذا داخل بناء.

الثالث - أنه سوى بين الاستقبال والاستدبار في الحكم وظاهر كلام الأصحاب عدم الكراهة (١)، قال البهوتي في كشاف القناع (١/ ٦٣): ((ويكره استقبال القبلة في فضاء باستنجاء أو استجمار) تشريفا لها وظاهر كلامه كغيره لا يكره استدبارها إذن).

[مسألة - يكره استقبال القبلة واستدبارها في الاستنجاء.]

وقد اختلف العلماء في علة الكراهة هل هي تعظيم وتشريف القبلة أم إظهار العورة، والراجح الأول ويدل عليه ما رواه أحمد وغيره بإسناد حسن عن جابر رضي الله عنه، قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن أن نستدبر القبلة، أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء " فهو يدل على أن النهي يختص بحال خروج البول ويلحق به الغائط، وأما الاستنجاء فإنه إزالة للخبث فلا يلحق بخروجه، وعليه فالأقوى القول بعدم كراهة استقبال أو استدبار القبلة في الاستنجاء أو الاستجمار مطلقاً.


(١) انظر تصحيح الفروع (١/ ١٢٨).

<<  <   >  >>