للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مسألة - يكره استقبال مهب الريح في حال التخلي.]

قال المرداوي في "الإنصاف" (١/ ١٠٠): (يكره أن يستقبل الريح دون حائل يمنع) والعلة بينها ابن قدمة فقال في "المغنى" (١/ ١٢٠): (ويكره أن يستقبل الريح؛ لئلا تَرُدَّ عليه رَشاش البول، فَيُنَجِّسَهُ) أو يصاب يالوسوسة.

[مسألة - يكره الكلام في حال التخلي.]

وما أقوى ما يستدل به على ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال " إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر أو قال: على طهارة " وليس الشاهد في الحديث عدم رد السلام فالسلام ذكر وهو أخص من دعوى النزاع، وإنما الشاهد عدم الاعتذار للرجل حتى الانتهاء من قضاء الحاجة ولعل النبي علم أن الرجل ينتظره فلم يكن هناك حاجة لتعجل الرد ولذلك أخر الاعتذار إليه.

ولذلك فالأولى تقييد الكراهة بأن يكون الكلام لغير حاجة أما إن احتاج إليه فلا كراهة، قال الشيخ العثيمين في "الشرح الممتع" (١/ ١١٩): (فالحاصل: أنه لا ينبغي أن يتكلَّم حال قضاء الحاجة، إلا لحاجة كما قال الفقهاء رحمهم الله، كأن يُرشِدَ أحداً، أو كلَّمه أحد لا بدَّ أن يردَّ عليه، أو كان له حاجة في شخص وخاف أن ينصرف، أو طلب ماء ليستنجي، فلا بأس).

وأما ما رواه ابن ماجه وأحمد وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتناجى اثنان على غائطهما، ينظر كل واحد منهما إلى عورة صاحبه، فإن الله عز وجل يمقت على ذلك» فقد اختلف في ثبوته اختلافا كثيرا وعلى فرض ثبوته فعلة النهي فيه مركبة من كلامهما مع كشفهما لعورتيهما فهو أعم من محل النزاع.

فائدة:

وقد يجب الكلام حال قضاء الحاجة، قال البهوتي في "كشاف القناع" (١/ ٦٣): ((ويجب) الكلام على من في الخلاء كغيره (لتحذير معصوم عن هلكة كأعمى وغافل) يحذره عن بئر أو حية أو نحوها،؛ لأن مراعاة حفظ المعصوم أهم).

<<  <   >  >>