قال ابن قدامة في "المغني"(١/ ٩٠): (يدخل المرفقين في الغسل. لا خلاف بين علماء الأمة في وجوب غسل اليدين في الطهارة، وقد نص الله تعالى عليه بقوله سبحانه:{وأيديكم إلى المرافق}[المائدة: ٦]. وأكثر العلماء على أنه يجب إدخال المرفقين في الغسل ... ولنا ما روى جابر، قال:«كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ أدار الماء إلى مرفقيه.» وهذا بيان للغسل المأمور به في الآية، فإن " إلى " تستعمل بمعنى مع، قال الله تعالى:{وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ}[هود: ٥٢]. أي مع قوتكم، {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}[النساء: ٢]. فكان فعله مبينا. وقولهم: إن " إلى " للغاية. قلنا: وقد تكون بمعنى مع، قال المُبَرِّدُ: إذا كان الحد من جنس المحدود دخل فيه، كقولهم: بعت هذا الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف) والراجح دخولها لأنها من جنس المحدود فتغسل مع اليدين.
[مسألة - من فروض الوضوء مسح الرأس كله.]
روى أبو داود وغيره عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه، قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فلما بلغ مسح رأسه، وضع كفيه على مقدم رأسه، فأمرهما حتى بلغ القفا، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه».
قال موفق الدين في "المغني"(١/ ٩٢): (لا خلاف في وجوب مسح الرأس، وقد نص الله تعالى عليه بقوله {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦]).
وقد اختلف العلماء في الباء في الآية فمن قال أنها للتبعيض جوز الاقتصار على مسح بعض الرأس، وقد حقق تقي الدين في "الفتاوى" كونها للإلصاق بمعنى أن المسح هو إمرار الماسح وهو اليد على الممسوح وهي الرأس على أن يكونا متلاصقين بواسطة بينهما وهو الممسوح به بحيث يترك جزءا منه على الرأس وهو الماء في الوضوء والتراب في التيمم.
قال ابن القيم في "الزاد"(١/ ١٨٦): (ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة.
فأما حديث أنس الذي رواه أبو داود:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة» فهذا مقصود أنس به أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقض