للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خمسين " (١).

وقال - الإمام الذهبي - رحمه الله -: " واصطلح المحدثون على جعلهم سماع ابن خمس سنين سماعاً، وما دونها حضوراً، واستأنسوا بأن محموداً عقل مجة، ولا دليل فيه (٢)، والمعتبر إنما هو أهلية الفهم والتمييز " (٣).

وما اختاره ابن الصلاح والذهبي - رحمهما الله - هو المختار إن شاء الله، وعليه يدل صنيع الإمام البخاري في صحيحه فقد أخرج أحاديث مجموعة من الصحابة ممن تحملوا في صباهم كابن عباس، ومحمود بن الربيع، وأنس بن مالك، والنعمان بن بشير، وعائشة، ونحوهم وهؤلاء سمعوا وهم دون البلوغ، وأخرج لمن دونهم في السن كالسبطين الحسن والحسين رضي الله عنهما.

فالمحققون من أهل العلم على عدم اعتبار تحديد سن معين بل المعتبر عندهم هو العقل والتمييز (٤).

ثالثاً: العقل:

وهو من شروط العدالة المجمع عليها، حكى الإجماع على ذلك الخطيب البغدادي وغيره من العلماء (٥) قال رحمه الله: " وأما الأداء بالرواية فلا يكون صحيحاً يلزم العمل به إلا بعد البلوغ، ويجب أيضاً أن يكون الراوي في وقت أدائه عاقلاً مميزاً، والذي يدل على وجوب كونه بالغاً عاقلاً، ما أخبرنا القاضي أبو عمر والقاسم بن جعفر قال ثنا محمد بن أحمد اللؤلؤي، قال ثنا أبو داود قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا وهيب عن خالد عن أبي الضحى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى


(١) علوم الحديث ص١١٧.
(٢) أي لا يلزم من عقل المجة عقل غيرها مما يسمعه فالمجة شئ حسي بسيط بخلاف تحمل الحديث فإنه مركب من ألفاظ ومعان ذات نسق معين، قد لا يستوعبها ولا يضبطها ذهن الطفل، الذي استوعب بعض الأشياء الحسية البسيطة كالمجة.
(٣) الموقظة " في علم مصطلح الحديث " - اعتنى به عبد الفتاح أبو غدة - ص٦١.
(٤) فتح المغيث ج٢ ص١٤ - ١٥.
(٥) انظر الكفاية ص٩٩، وشروط الأئمة الخمسة ص٥٣، وتدريب الراوي: ج١ ص٣٠٠.

<<  <   >  >>