للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٦٥٨ - عمر بن علي , المعروف بابن الفارض.]

حدث عن القاسم بن عساكر.

ينعق بالاتحاد الصريح في شعره , وهذه بلية عظيمة فتدبر نظمه، وَلا تستعجل , ولكنك حسن الظن بالصوفية , وما ثم إلا زي الصوفية وإشارات مجملة وتحت الزي والعبادة فلسفة وأفاعي فقد نصحتك والله الموعد.

مات ابن الفارض في الثاني من جمادى الأولى سنة ٦٣٢. انتهى.

وابن الفارض المذكور له صورة كبيرة عند الناس لما كان فيه من الزهد والانقطاع , وقد عمل له سبطه ترجمة في مقدمة ديوانه حكى فيها أشياء عجيبة من أموره وكان أبوه يتولى الفروض بالقاهرة وهو عليى بن مرشد بن علي ذكره المنذري.

وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: كان سيد شعراء عصره وشيخ الاتحادية.

ولد في ذي القعدة سنة ست وسبعين بالقاهرة. ⦗١٢٤⦘

قال المنذري: سمعت منه من شعره.

وقال في التكلمة: كان قد جمع في شعره بين الجزالة والحلاوة.

قال الذهبي: إلا أنه شانه بالاتحاد في ألذ عبارة وأرق استعارة كفالوذج مسموم , ثم أنشد من التائية التي سماها نظم السلوك أبياتا منها:

لها صلواتي بالمقام أقيمها ... وأشهد فيها أنها لي صلت

كلانا مصل واحد ساجد إلى ... حقيقته بالجمع في كل سجدة

ومنها:

وها أنا أبدي في اتحادي مبدأي ... وأنهي انتهائي في تواضع رفعتي

وبي موقفي لا بل إلي توجهي ... ولكن صلاتي لي ومني كعبتي

ومنها:

ولا تك ممن طيشته دروسه ... بحيث استقلت عقله واستقرت

فثم وراء العقل علم يدق عن ... مدارك غايات العقول السلمية

تلقيته عني ومني أخذته ... ونفسي كانت من عطائي ممدتي

ومنها:

وما عقد الزنار حكما سوى يدي ... وإن حل بالإقرار بي فهي حلت

وإن خر للأحجار في البُد عاكف ... فلا تعد بالإنكار بالعصبية

وإن عبد النار المجوس وما انطفت ... فما قصدوا غيري لأنوار عزتي

قلت: ومن هذه القصيدة:

وجُلْ في فنون الاتحاد، وَلا تحد ... إلى فئة في غرة العمر أصبت

ومنها:

إلي رسولا كنت مني مرسلا ... وذاتي بآياتي عليَّ استقلت ⦗١٢٥⦘

وفي قصائده من هذا النمط فيما يتعلق بالاتحاد شيء كثير.

وقد كنت سألت شيخنا الإمام سراج الدين البلقيني، عَنِ ابن العربي؟ فبادر الجواب بأنه كافر , فسألته، عَنِ ابن الفارض فقال: لا أحب أن أتكلم فيه.

قلت: فما الفرق بينهما والموضع واحد؟ وأنشدته من التائية فقطع علي بعد إنشاد عدة أبيات بقوله: هذا كفر , هذا كفر.

قلت: وقد اعتنى الشيخ شهاب الدين ابن أبي حجلة الشاعر المشهور بنظم قصائد مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم على أوزان قصائد ابن الفارض وكان بعض من يتعصب لابن الفارض من القضاة أهانه بسبب وقيعته في ابن الفارض فأقبل على نظم تلك القصائد والله المستعان.

ورأيت في كتاب "التوحيد" للشيخ عبد الغفار القوصي قال: حكى لي الشيخ عبد العزيز بن عبد الغني المَنُوفي قال: كنت بجامع مصر، وَابن الفارض في الجامع وعليه حلقة فقام شاب من عنده وجاء إلى عندي وقال: جرى لي مع هذا الشيخ حكاية عجيبة , يعني ابن الفارض , فقلت: ما هي؟.

قال: دفع لي دراهم وقال: اشتر لنا بها شيئا للأكل فاشتريت ومشينا إلى الساحل فنزلنا في مركب حتى طلعنا البهنسا فطرق بابا فنزل شخص فقال: بسم الله فطلع الشيخ , فطلعت معه، وَإذا أنا بنسوة بأيديهم الدفوف والشبابات وهم يغنون له , فرقص الشيخ إلى أن انتهى وفرغ , ونزلنا وسافرنا حتى جئنا إلى مصر فبقي في نفسي.

فلما كان في هذه الساعة جاءه الشخص الذي فتح له الباب فقال له: يا ⦗١٢٦⦘

سيدي , فلانة ماتت - وذكر واحدة من أولئك الجواري - فقال: اطلبوا الدلال , فقال: اشتر لي جارية تغني بدلها , ثم أمسك أذني فقال: لا تنكر على الفقراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>