للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٦٠١٧ - الفخر بن الخطيب , صاحب التصانيف.]

رأس في الذكاء والعقليات لكنه عري من الآثار وله تشكيكات على مسائل من دعائم الدين تورث حيرة , نسأل الله أن يثبت الإيمان في قلوبنا.

وله كتاب "السر المكتوم في مخاطبة النجوم" سحر صريح , فلعله تاب من تأليفه إن شاء الله. انتهى.

وقد عاب التاج السبكي على المصنف ذكره هذا الرجل في هذا الكتاب وقال: إنه ليس من الرواة وقد تبرأ المصنف من الهوى والعصبية في هذا الكتاب فكيف ذكر هذا وأمثاله ممن لا رواية لهم: كالسيف الآمدي , ثم اعتذر منه بأنه يرى أن القدح في هؤلاء من الديانة وهذا بعينه التعصب في المعتقد.

والفخر: كان من أئمة الأصول وكتبه في الأصلين شهيرة سائرة وله ما يقبل وما يرد.

وقد ترجم له جماعة من الكبار بما ملخصه: أن مولده سنة ٥٤٣ واشتغل على والده وكان من تلامذة البغوي , ثم اشتغل على الكمال السمناني.

وتمهر في عدة علوم وعقد مجلس الوعظ وكان إذا وعظ يحصل له وجد زائد.

ثم أقبل على التصنيف فصنف "التفسير الكبير" و"المحصول في أصول الفقه" ⦗٣١٩⦘

و"المعالم" و"المطالب العالية" و"الأربعين" و"الخمسين" و"الملخص" و"المباحث المشرقية" و"طريقة" في الخلاف و"مناقب الشافعي".

وكان في أول أمره فقيرا ثم اتفق أنه صاهر تاجرا متمولا له ولدان فزوجهما ابنتيه ومات التاجر فتقلب الفخر في ذلك المال وصار من رؤساء ذلك الزمان يقوم على رأسه خمسون مملوكا بمناطق الذهب وحلل الوشي قاله ابن الربيب في تاريخه.

قال: وكان قال للسلطان يوما: نحن في ظل سيفك , فقال له السلطان: ونحن في شمس علمك.

قال: وكانت له أوراد من صلاة وصيام لا يخل بها وكان مع تبحره في الأصول يقول: من التزم دين العجائز فهو الفائز.

وكان يعاب بإيراد الشُّبَه الشديدة ويقصّر في حلها حتى قال بعض المغاربة: يورد الشُّبه نقدا ويحلها نسيئة!.

وقد ذكره ابن دحية فمدح وذم.

وذكره ابن شامة فحكى عنه أشياء رديئة.

وكانت وفاته بهراة يوم عيد الفطر سنة ست وست مئة.

ورأيت في الإكسير في علم التفسير للنجم الطوفي ما ملخصه: ما رأيت في التفاسير أجمع لغالب علم التفسير من القرطبي ومن تفسير الإمام فخر الدين إلا أنه كثير العيوب , فحدثني شرف الدين النصيبي عن شيخه سراج الدين الشرمساحي المغربي أنه صنف كتاب "المآخذ" في مجلدين بيَّن فيهما ما في تفسير الفخر من الزيف والبهرج وكان ينقم عليه كثيرا ويقول: يورد شُبه المخالفين في المذهب والدين على غاية ما يكون من التحقيق ثم يورد مذهب أهل السنة والحق على غاية من الوهاء.

قال الطوفي: ولعمري إن هذا دأبه في كُتبه الكلامية والحكمية حتى ⦗٣٢٠⦘

اتهمه بعض الناس ولكنه خلاف ظاهر حاله لأنه لو كان اختار قولا، أو مذهبا ما كان عنده من يخاف منه حتى يتستر عنه ولعل سببه أنه كان يستفرغ قواه في تقرير دليل الخصم فإذا انتهى إلى تقرير دليل نفسه لا يبقى عنده شيء من القوى، وَلا شك أن القوى النفسانية تابعة للقوى البدنية.

وقد صرح في مقدمة "نهاية العقول" أنه يقرر مذهب خصمه تقريرا لو أراد خصمه أن يقرره لم يقدر على الزيادة على ذلك.

وذكر ابن خليل السكوني في كتابه "الرد على الكشاف": أن ابن الخطيب قال في كتبه في الأصول: إن مذهب الجبر هو المذهب الصحيح وقال بصحة الأعراض وبنفي صفات الله الحقيقة وزعم أنها مجرد نسب وإضافات كقول الفلاسفة , وسلك طريق أرسطو في دليل التمانع.

ونقل عن تلميذه التاج الأرموي أنه نصر كلامه فهجره أهل مصر وهموا به فاستتر ونقلوا عنه أنه قال: عندي كذا وكذا مِئَة شبهة على القول بحدث العالم ومنها ما قاله شيخه ابن الخطيب في آخر الأربعين: والمتكلم يستدل على القدم بوجوب تأخر الفعل ولزوم أوليته والفيلسوف يستدل على قدمه باستحالة تعطل الفاعل عن أفعاله.

وقال في شرح الأسماء الحسنى: إن مَن أخر عقاب الجاني مع علمه بأنه سيعاقبه: فهو الحقود. وقد تعقب بأن الحقود من أخر مع العجز أما مع القدرة فهو الحليم والحقود إنما يعقل في حق المخلوق دون الخالق بالإجماع.

ثم أسند، عَنِ ابن الطباخ: أن الفخر كان شيعيا يقدم محبة أهل البيت كمحبة الشيعة , حتى قال في بعض تصانيفه: وكان علي شجاعا بخلاف غيره. ⦗٣٢١⦘

وعاب عليه تصنيفه لتفسيره مفاتيح الغيب ولمختصره في المنطق: الآيات البينات وتقريره لتلامذته في وصفه بأنه الإمام المجتبى أستاذ الدنيا أفضل العالم فخر بني آدم حجة الله على الخلق صدر صدور العرب والعجم. هذا آخر كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>