للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٦٥٧٩ - صح- محمد بن جرير الطبري الإمام أبو جعفر]

صاحب التصانيف الباهرة، مات سنة عشر وثلاث مِئَة.

ثقة صادق فيه تشيع يسير وموالاة لا تضر.

أقذع أحمد بن علي السليماني الحافظ فقال: كان يضع للروافض كذا قال السليماني وهذا رجم بالظن الكاذب. ⦗٢٦⦘

بل ابن جرير من كبار أئمة الإسلام المعتمدين وما ندعي عصمته من الخطأ، وَلا يحل لنا أن نؤذيه بالباطل والهوى فإن كلام العلماء بعضهم في بعض ينبغي أن يتأنى فيه، وَلا سيما في مثل إمام كبير.

فلعل السليماني أراد الآتي [٦٥٨٠]. انتهى.

ولو حلفت أن السليماني ما أراد إلا الآتي لبررت , والسليماني حافظ متقن كان يدري ما يخرج من رأسه فلا أعتقد أنه يطعن في مثل هذا الإمام بهذا الباطل , والله أعلم.

وإنما نبز بالتشيع لأنه صحح حديث غدير خم.

وقد اغتر شيخ شيوخنا أبو حيان بكلام السليماني فقال في الكلام على (الصراط) في أوائل تفسيره: وقال أبو جعفر الطبري وهو إمام من أئمة الإمامية: الصراط بالصاد: لغة قريش إلى آخر المسألة. ونبهت عليه لئلا يغتر به فقد ترجمه أئمة النقل في عصره وبعده فلم يصفوه بذلك.

وإنما ضره الاشتراك في اسمه واسم أبيه ونسبته وكنيته ومعاصرته وكثرة تصانيفه والعلم عند الله تعالى , قاله الخطيب.

وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن علي بن محمد بن سهل بن الإمام قال: سمعت أبا جعفر الطبري وجرى ذكر علي فقال أبو جعفر: من قال إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامي هدى أيش هو؟ فقال له ابن الأعلم: مبتدع فقال له الطبري منكرا عليه: مبتدع مبتدع، هذا يقتل , من قال: إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامي هدى يقتل يقتل.

وقد سمع محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب وإسحاق بن أبي إسرائيل والفلاس وبندارا وأبا موسى، ومُحمد بن حميد الرازي وخلق كثيرا.

روى عنه أحمد بن كامل ومخلد بن جعفر وأحمد بن أبي طالب الكاتب وأبو بكر الشافعي وخلق. ⦗٢٧⦘

قال الخطيب: أخبرنا أبو طالب بن بكير أخبرنا مخلد بن جعفر حَدَّثَنا محمد بن جرير حَدَّثَنا أبو زرعة الرازي حَدَّثَنا ثابت بن محمد حَدَّثَنا سُفيان، عَن حبيب بن أبي ثابت عن طاوُوس عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه: الفخذ عورة.

قال أبو طالب: فذكر أبي أن هذا غريب. وقد حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين عن ابن نومرد، عَن أبي زُرْعَة، عَن ثابت بن محمد عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوُوس عن ابن عباس: في كسوف الشمس.

وإلى جنبه: عَن أبي زُرْعَة، عَن ثابت عن إسرائيل، عَن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس حديث: الفخذ.

قال: فيشبه أن يكون أبو زرعة حدث به مرة من حفظه , يعني فوهم فيه إن لم يكن الطبري أخطأ فيه.

قلت: قد حدث به، عَن أبي زرعة على الصواب ابن نومرد المذكور بالإسنادين جميعا فنسبة الخطأ فيه إلى الطبري أسهل من نسبته إلى أبي زرعة.

قال الخطيب: كان ابن جرير أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره فكان حافظا لكتاب الله عارفا بالقراءات بصيرا بالمعاني فقيها في الأحكام عالما بالسنن وطرقها عارفا بأقاويل الصحابة والتابعين ومسائل الحلال والحرام عارفا بأيام الناس وأخبارهم. ⦗٢٨⦘

وله تصانيف كثيرة وتفرد بمسائل حفظت عنه: بلغني، عَن أبي حامد الفقيه أنه قال: لو سافر رجل إلى أقصى الصين حتى يحصل تفسير ابن جرير لم يكن كثيرا.

وقال ابن بالويه الحافظ: قال لي ابن خزيمة بلغني أنك كتبت تفسير ابن جرير؟ قلت: بل كتبته عنه إملاءً قال: كله؟ قلت: نعم من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين قال: فاستعاره مني ابن خزيمة فرده بعد سنتين , ثم قال: نظرت فيه من أوله إلى آخره فما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير ولقد ظلمته الحنابلة.

وقال أبو أحمد حسينك التميمي: قال لي ابن خزيمة لما رجعت من الرحلة: سمعت من ابن جرير؟ فقلت: لا، وكانت الحنابلة منعت الناس من الدخول إليه فقال: لو سمعت منه لكان خيرا لك من جميع من سمعت منه سواه.

وقال أبو علي الطوماري: كنت مع أبي بكر بن مجاهد في رمضان فسمع قراءة ابن جرير فقال: ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرا يحسن يقرأ هذه القراءة.

قال أحمد بن كامل: توفي ابن جرير في شوال سنة عشر وثلاث مِئَة وأخبرني أن مولده كان في أول سنة خمس، أو آخر سنة أربع وعشرين ومئتين. ولما مات لم يؤذن به أحد فاجتمع عليه من لا يحصيهم عددا إلا الله وصُلِّيَ على قبره عدة شهور ليلا ونهارا. ⦗٢٩⦘

وقال مسلمة بن قاسم: كان حصورا لا يقرف النساء ورحل من بلده في طلب العلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة , سنة ست وثلاثين فلم يزل طالبا للعلم مولعا به إلى أن مات.

وأخرج ابن عساكر من طريق أبي سعيد عثمان بن أحمد الدينوري قال: حضرت مجلس محمد بن جرير وحضر الفضل بن جعفر بن الفرات ابن الوزير وقد سبقه رجل فقال الطبري للرجل: ألا تقرأ؟ فأشار إلى الوزير فقال له الطبري: إذا كانت النوبة لك فلا تكترث بدجلة، وَلا الفرات.

قلت: وهذه من لطائفه وبلاغته وعدم التفاته لأبناء الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>