للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(من الدنيا) أي من زهرتها وزينتها

(ما يحب) أي العبد من نحو مال وولد وجاه

(وهو مقيم) أي والحال أنه مقيم

(على معاصيه) أي عاكف عليها ملازم لها

(فإنما ذلك) أي فاعلموا أنما إعطاؤه ما يحب من الدنيا

(منه) أي من الله

(استدراج) أي أخذ بتدريج واستنزال من درجة إلى أخرى، فكلما فعل معصية قابلها بنعمة وأنساه الاستغفار فيدنيه من العذاب قليلاً قليلاً ثم يصبه عليه صباً. قال إمام الحرمين: إذا سمعت بحال الكفار وخلودهم في النار فلا تأمن على نفسك فإن الأمر على خطر، فلا تدري ماذا يكون وما سبق لك في الغيب، ولا تغتر بصفاء الأوقات فإن تحتها غوامض الآفات. وقال علي كرم الله وجهه: كم من مستدرج بالإحسان وكم من مفتون بحسن القول فيه. وكم من مغرور بالستر عليه، وقيل لذي النون: ما أقصى ما يخدع به العبد؟ قال: بالألطاف والكرامات {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} وفي الحكم: خف من وجود إحسانه إليك ودوام إساءتك معه أن يكون ذلك استدراجاً. والاستدراج الأخذ بالتدريج لا مباغتة. والمراد هنا تقريب الله العبد إلى العقوبة شيئاً فشيئاً، واستدراجه تعالى للعبد أنه كلما جدد ذنباً جدد له نعمة وأنساه الاستغفار فيزداد أشراً وبطراً فيندرج في المعاصي بسبب تواتر النعم عليه ظاناً أن تواترها تقريب من الله، وإنما هو خذلان وتبعيد. أهـ

(فضل الله تعالى على التائب العائد:

(حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(التائب من الذنب) توبة مخلصة صحيحة

(كمن لا ذنب له) لأن العبد إذا استقام ضعفت نفسه وانكسر هواه وتغيرت أحواله وساوى الذي قبله ممن لا صبوة له قال الطيبي: هذا من قبيل إلحاق الناقص بالكامل مبالغة كما نقول زيد كالأسد ولا يكون المشرك التائب معادلاً بالنبي المعصوم.

أخي الحبيب: لا يأخذك الهوى وملهيات النفس وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث أبي هريرة في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول اللّه؟ من أطاعني دخل الجنة و من عصاني فقد أبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>