للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] قال يحي بن معاذ رحمه الله: من أعظم الاغترار عندي: التمادي في الذنوب مع رجاء العفو من غير ندامة، وتوقع القرب من الله تعالى بغير طاعة، وانتظار زرع الجنة ببذر النار، وطلب دار المطيعين بالمعاصي، وانتظار الجزاء بغير عمل، والتمني على الله عز وجل مع الإفراط. ومن أحب الجنة إنقطع عن الشهوات، ومن خاف النار إنصرف عن السيئات.

[*] وقال الحسن البصري رحمه الله: إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل.

وقال رحمه الله: (إن المؤمن قوَّام على نفسه يحاسب نفسه لله عز وجل، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، إن المؤمن يَفجَؤ الشيء بعجبه فيقول: والله إني لأشتهيك، وإنك لمن حاجتي ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات، هيهات، حيل بيني وبينك، ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا، مالي ولهذا! والله لا أعود لهذا أبداً إن شاء الله، إن المؤمنين قوم أوثقهم القرآن، وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا، يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله عز وجل، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وبصره ولسانه وجوارحه.

(أخي الحبيب:

جهاد النفس جهاد طويل وطريق محفوف بالمكاره، مذاقه مر وملمسه خشن، فعليك بالسير في ركاب التائبين حتى تحط رحالك في جنات عدن.

[*] قال حاتم الأصم: من خلا قلبه من ذكر أربعة أخطار فهو مغتر لا يأمن الشقاء:

الأول: خطر يوم الميثاق حين قال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي، فلا يعلم أي الفريقين كان.

الثاني: حين خلق في ظلمات ثلاث، فنادى الملك بالشقاوة والسعادة، ولا يدري أمن الأشقياء هو أم من السعداء؟

الثالث: ذكر هول المطالع، فلا يدري أيبشر برضا الله أم بسخطه؟

الرابع: يوم يصدر الناس أشتاتاً، فلا يدري أي الطريقين يسلك به؟.

[*] وقال الحسن رحمه الله: (ابن آدم .. إنك تموت وحدك، وتدخل القبر وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك) فينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر عواقب المعاصي، فإنه ليس بين الآدمي وبين الله تعالى قرابة ولا رحم، وإنما هو قائم بالقسط، حاكم بالعدل، وإن كان حلمه يسع الذنوب، وإن شاء أخذ وأخذ باليسير، فالحذر الحذر.

(أخي الحبيب:

<<  <  ج: ص:  >  >>