للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث سلمان في صحيح أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا.

نريد الذي يدعو على جبار فيقصمه الله عز وجل، نريد من يدعو على دولة الكفر؛ فيدمرها رب العالمين، نريد من يدعو على ظالم من الظلمة؛ فينتقم الله منه ويجعله عبرة وآية للعالمين،

ونريد مثل محمد بن واسع وهو من موالي زهران، أي أنه من هذه القبيلة الخيرة الطيبة، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {مولى القوم منهم}.

إن قتيبة بن مسلم الباهلي رحمه الله، كان يعد الجيوش لحرب أكبر جبهة كانت في تاريخ العالم الإسلامي وفي تاريخ الفتوحات، وهي الجبهة الشرقية حيث الهند والصين والترك، وهي أعتى الشعوب في القتال؛

فكان يريد أن يقاتل وأن يجاهد هؤلاء، فأعد العدة المادية كاملة وبقيت العدة الأخرى، لأنه لا ينسى أحدٌ من قادة المسلمين وصية عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص: [واعلم أن المسلمين إنما ينصرهم الله تبارك وتعالى بطاعتهم لله وبمعصية عدوهم له، فإذا استوينا نحن وهم في المعصية؛ كان لهم الفضل علينا في القوة]

أي: فنحن عدتنا الطاعة، وكفى بها عدة، ففي تلك الليلة أعد كل شيء وبيت للهجوم ثم قال: اذهبوا فالتمسوا هل في المسجد أحد -هكذا نريد مثل هؤلاء تقي خفي لا يدري عنه أحد، ولكنه يأتي بدعوة هي خير من هذه الجيوش كلها، أو رديفة ومساندة لهذه الجيوش كلها- قالوا: ما وجدنا فيه إلا محمد بن واسع رافعاً إصبعه -أي: يدعو بإصبع واحدة- قال: إصبعه تلك أحب إلي من ثلاثين ألف فارس.

(وذلك لأنه إذا قال: يارب، استُجيب له بإذن الله تبارك وتعالى؛ لأنهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً، ويفزعون إليه تبارك وتعالى، فهم جنده، والدين دينه والدعوة دعوته، والجند جنده والعباد عبيده، والأعداء أعداؤه.

إذاً: لا بد أن يفزعوا إليه ولا بد أن ينادوه وأن يتضرعوا إليه.

[*] (واعلم أن الغاية من أخذ العباد بالبأساء والضراء أن يتضرعوا إلى الله:

إن العباد قد يغفلون في أوقات الرخاء عن هذه العبادة الجليلة لكن لا ينبغي أن يغفلوا عنها في أوقات البلاء والمحنة ولو أنهم غفلوا في الحالين لعرضوا أنفسهم لعقوبة الله:

<<  <  ج: ص:  >  >>